إلا أن بعضهم -أي بعض من قال بصرفها من بيت المال من المالكية- أجازها من الغلة إذا جهل أصل تحبيسها، ولا يعلم الموقوف عليه (١).
دليل هذا القول:(أي قول بعض المالكية)
استدل له بأن إدارة الأوقاف من أعمال الدولة، ومن الأمور التي يجب أن يقوم بها المحتسب الأكبر وهو الحاكم؛ وذلك لأنها في أكثر الأحيان مآلها إلى البر والصدقات والخيرات، فمن يقوم بشؤونها يكون كعمال الدولة، يأخذ أجرته من بيت مالها، لا من الأوقاف (٢).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن المصالح الخاصة زادت في الأوقاف على المصالح العامة، فلا تكون الأجرة من عموم بيت المال، بل من خاصته بالوقف (٣).
ولا يخفى ضعف هذا القول -قول بعض المالكية- فإنه يؤدي إلى ترك الأوقاف بلا نظار مما يؤدي إلى ضياعها؛ وذلك أن الناظر إذا علم أنه لا يعطى على نظارته شيئاً من الغلة، وأن حقه في بيت المال، وقد لا يعطى شيئاً فقد يترك النظارة، أو يهمل الوقف فلا يعطيه حقه في النظارة، وبالتالي يؤدي إلى ضياع الأوقاف وخرابها، والله أعلم.
ومع ذلك فقد يكون لقول بعض المالكية وجه في الأوقاف التي تمخضت للخير، ولا تصرف إلا في وجوه البر أو المصالح العامة كالملاجئ والمصحات ونحوها، فإن إدارة مثل هذا النوع من الأوقاف يصح أن تتحمل
(١) العقد المنظم بهامش تبصرة الحكام ٢/ ٢٠٩. (٢) محاضرات في الوقف لمحمد أبي زهرة ص ٣٤٨. (٣) المرجع نفسه.