للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الخلاف السابق، فمقتضى من قال إن للناظر الرجوع بما أنفقه على عمارة الوقف ولو بلا إذن القاضي -وهم المالكية والحنابلة-: أنه يجوز للمستأجر الرجوع في غلة الوقف، ومقتضى من قال: إنه لا يجوز للناظر الرجوع بما أنفقه إلا إذا كان بإذن الناظر: أنه لا يسوغ للمستأجر الرجوع في غلة الوقف، بل قالوا يرجع على الناظر إن كان حياً أو على تركته إن كان ميتاً، وليس للناظر ولا لورثته الرجوع به على الوقف ما دام لم يأذن له الحاكم بذلك ولم يشرطه له الواقف.

لكن ذهب بعض الحنفية، وبعض الشافعية في هذه المسألة إلى ما ذهب إليه المالكية والحنابلة، قال في الفتاوى الخيرية: " اعلم أن عمارة الوقف بإذن متوليه ليرجع بما أنفق توجب الرجوع باتفاق أصحابنا بما أنفق " (١).

وتعقب ابن عابدين هذا القول فقال: " وظاهر ما مرّ عن الخيرية: أنه يرجع وإن لم يكن في يد القيم مال من غلة الوقف، وهو خلاف ما قدمناه عن الخانية فيما لو أنفق من مال نفسه، فلعل ما هنا مبني على رواية أنه لا يشترط في الاستدانة إذن القاضي، وإلا فهو مشكل فليتأمل " (٢).

وقال القليوبي: " إذن الناظر لمستأجر الوقف في الصرف في عمارته، ونقل عن بعض شيوخه قوله: هذا إن كان الصرف من أجرة عليه، فإن أريد الصرف ليكون ديناً على الوقف، فلا يكفي إذن الناظر، بل لا بد من إذن القاضي، ونقل عن بعضهم قوله: لا بد من إذن القاضي مطلقاً، ولا يكفي إذن الناظر وحده، قال: واكتفى بعض مشايخنا بإذن الناظر وحده مطلقاً خصوصاً إذا لزم على إذن القاضي غرامة مال " (٣).


(١) الفتاوى الخيرية، مرجع سابق، (١/ ١٣٤).
(٢) حاشية ابن عابدين (٤/ ٤٤٠)، التصرف في الوقف ٢/ ٢٣١.
(٣) القليوبي على شرح المنهاج للمحلي (٣/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>