فيقول لا وإِنما يَعْنِي أَنه ليس له زوجة، قال: وهذا معنى يحتمله اللسان، ولكنه معنى كلام لا يُعْرَف إلاَّ أَن يكون له سبب كلام يدل عليه، وذلك أَن يقال للرجل تزوَّجتَ؟ فيقول: ما تأَهَّلت فَيُعْرَف بأول الكلام أنه أراد ما تزوجت، أو يقول: الرجل أجنبت من أهلي فيعرف أن الجنابة إنما تكون من الزوجة، فأَما أَن يبدأ الرجل، فيقول: أَهلي ببلد كذا، فأنا أزور أهلي وأَنا كريم الأهْل، فإِنما يذهب الناس في هذا إِلى أهل البيت. قال: وقال قائل: آل محمد أَهل دين محمد، قال: ومن ذهب إِلى هذا أَشبه أَن يقول قال الله لنوح: ﴿احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ﴾ (١)، وقال نوح: ﴿رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي﴾ (٢) فقال ﵎: ﴿لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾ (٣) أَي ليس من أَهل دينك، قال: والذي يُذْهَب إليه في معنى هذه الآية أَن معناه أنه ليس من أهلك الذين أمرناك بحملهم معك، فإن قال قائل: وما دل على ذلك؟ قيل: قول الله تعالى: ﴿وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ﴾ (٤) فأعلمه أنه أمره بأن يَحْمِل من أهله من لم يسبق عليه القول من أهل المعاصي ثم بيّن ذلك، فقال: إنه عمل غير صالح، قال: وذهب ناس إلى أن آل محمد قرابته التي ينفرد بها دون غيرها من قرابته، وإذا عُدَّ آل الرجل ولده الذين إِليه نَسَبُهم ومن يُؤْويه بيته من زوجة أو مملوك أو مَوْلى أو أحد ضَمَّه عياله، وكان هذا في بعض قرابته من قِبَل أبيه دون قرابته من قِبَل أُمه لم يجز أن يستدل على ما أراد الله من هذا، ثم رسوله إلا بسنَّة رسول الله ﷺ، فلما قال: إن الصدقة لا تحل لمحمد وآل محمد دل على أَن آل محمد (٥) هم الذين حرمت عليهم الصدقة
(١) من آية ٤٠ من سورة هود. (٢) من آية ٤٥ من سورة هود. (٣) من آية ٤٦ من سورة هود. (٤) من آية ٤٠ من سورة هود. (٥) صحيح مسلم في الزكاة/ باب ترك استعمال آل النبي ﵇ على الصدقة (١٠٧٢).