وكلا الاحتمالين وارد في هذه المسألة، وذلك أن الأحكام المرتبة على الأسماء العامة نوعان (١):
النوع الأول: ما يثبت لكل فرد من أفراد ذلك العام، نحو قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١)﴾ (٢).
فإن الخلق ثابت لكل واحد من الناس، وكذلك في قوله تعالى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ﴾ (٣).
أي كل والدة ترضع ولدها.
النوع الثاني: ما يثبت لمجموع تلك الأفراد، كقول الواقف: وقفت على زيد وعمرو وبكر، ثم على المساكين، فإنه ليس بين المساكين وبين أولئك الثلاثة مساواة في العدد حتى يجعل كل واحد منهما مرتباً على الآخر، ولا مناسبة تقتضي أن يعين لزيد هذا المسكين، ولعمرو هذا، ولبكر هذا.
لكن قد يترجح أحد الاحتمالين على الآخر بأسباب أخرى، ومما يرجح الاحتمال الثاني في هذه المسألة:
أ- أن أكثر الواقفين ينقلون نصيب كل والد إلى ولده، لا يؤخرون الانتقال إلى انتقال الطبقة، والكثرة دليل القوة، بل الرجحان (٤).
ب- أن بين الوقف والميراث شبهاً من جهة أن الانتقال إلى ولد الولد مشروط بعدم الولد فيهما، ومثل هذه العبارة لو أطلقت في الميراث، كما أطلقها الله تعالى في قوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ﴾ (٥)، وقوله:
(١) مجموع الفتاوى ٣١/ ١٢٧ - ١٢٩. (٢) آية ٢١ من سورة البقرة. (٣) من آية ٢٣٣ من سورة البقرة. (٤) مجموع الفتاوى، مرجع سابق، ٣١/ ١٣٠. (٥) من آية ١٢ من سورة النساء.