أسبابها شرعا، سفيها كان أو غير سفيه، وارتكاب هذه الأسباب اختيارا نوع من السفه، فدل على أنه مع السفه يتصور منه السبب الموجب لاستحقاق المال، ومن ضرورته أن لا يمنع من أداء ما لزمه شرعا، وبه يتبين أنَّ الحجر عن التصرفات ليس منه كثير فائدة؛ لتمكنه من إتلاف جميع ماله بهذه الأسباب (١).
ونوقش: بأنَّ عمومَ الآيات مخصوصٌ بالصغير والمجنون اتفاقاً، فيخص- أيضاً -بالسفيه، للأدلة الدالة على الحجر عليه، على أن ما ذكروه من تمكن السفيه من إتلاف جميع ماله بهذه الأسباب مجرد احتمال، فمن الذي يأتي على كل ماله بالظهار أو القتل الخطأ، فإن هو فعل ذلك مرة فالكفارة مؤدبة له ألا يفعل ذلك مرة أخرى (٢).
٤ - أن السفيه حر مخاطب عاقل، فيكون مطلق التصرف في ماله كالرشيد؛ لأنه بكونه مخاطباً تثبت له أهلية التصرف، فإن التصرف كلام ملزم، وأهلية الكلام بكونه مميزا، والكلام الملزم بكونه مخاطباً، والمحلية تثبت بكونه خالص ملكه، والملكية تثبت بالحرية.
وبعد صدور التصرف من أهله في محله لا يمنع نفوذه إلا لمانع، والسفه لا يصلح أن يكون مانعا لنفوذ التصرف؛ لأنه بسبب السفه لا يظهر نقصان عقله، ولكن السفيه يكابر عقله ويتابع هواه في التبذير مع علمه بقبحه وفساد عاقبته.
وهذا لا يكون معارضا في حق التصرف، كما لا يكون معارضا في توجه الخطاب عليه بحقوق الشرع (١).
(١) المبسوط (٢٤/ ١٥٩). (٢) الحاشية على رد المختار ٩/ ٢١١ - ٢١٢.