﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، و ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا﴾ انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه، فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد، فاشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك لرسول الله ﷺ فأنزل الله ﷿: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ﴾ فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه " (١).
ولا يخلط ماله بمال اليتيم إلا ما كان مأكولاً كالدقيق، واللحم ونحوه مما لا بد للإرفاق، وعليه حملت الآية.
(١) سنن أبي داود في الوصايا/ باب مخالطة اليتيم في الطعام (٢٨٧١)، وأخرجه أحمد (٣٠٠٠)، والبيهقي ٦/ ٢٨٥ من طريق إسرائيل، والنسائي في الوصايا/ باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه (٣٦٩٩)، والطبري (٤١٨٢)، وأبو عبيد (٤٣٧)، والحاكم ٢/ ٣١٨ من طريق جرير بن عبد الحميد، مسند أحمد ١/ ٣٢٦. كلاهما عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ﵄. وهو ضعيف؛ إذ في إسناده عطاء بن السائب، وقد اختلط. وجرير وإسرائيل سمعا من عطاء بعد اختلاطه. وأخرجه سعيد بن منصور (٥٨٦) عن عكرمة مرسلاً. ورواه ابن جرير في (التفسير) من طريق العوفي، وإسناده لابن عباس ﵄ ضعيف. لكن رواه- أيضا -من طريق معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس به. وعلي لم يسمع من ابن عباس ﵄، لكن الواسطة بينه وبين ابن عباس ﵄ مجاهد؛ حيث أخذ تفسيره منه. قال الحافظ في (التهذيب): " بعد أن عُرِفت الواسطة، وهو ثقة (يعني مجاهداً)؛ فلا ضير في ذلك ". وقال السيوطي في (الإتقان) في النوع السادس والثلاثين: ما ورد عن ابن عباس من طريق ابن أبي طلحة خاصة؛ فإنها من أصح الطرق عنه، وعليها اعتمد البخاري في (صحيحه). وقال الإمام أحمد: (بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة، لو رحل فيها رجل إلى مصر قاصداً ما كان كثيراً). وهذه الصحيفة من رواية معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ﵄، كما أشار إلى ذلك الحافظ في (التهذيب) عند ترجمة ابن أبي طلحة، وهذا السند هو الذي ساقه الطبري هنا.