وجه الدلالة: قال الجصاص: " وهذه الآي محكمة حاضرة لمال اليتيم على وليه في حال الغنى والفقر، وقوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ﴾ (٤)، متشابه محتمل للوجوه التي ذكرنا، فأولى الأشياء بها حملها على موافقة الآي المحكمة، وهو أن يأكل -أي الولي- من مال نفسه بالمعروف؛ لئلا يحتاج إلى مال اليتيم؛ لأن الله تعالى قد أمرنا برد المتشابه إلى المحكم، ونهانا عن اتباع من غير رد إلى المحكم .... "(٥).
ونوقش الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أن هذه الآيات عامة في الحظر من مال اليتيم، والمبيحة لأكل الفقير خاصة، والخاص مقدم على العام.
الوجه الثاني: عدم التسليم على أن أدلة جواز الأكل من مال اليتيم من المتشابه، بل من المحكم البين، كما ورد تفسير الآية عن الصحابة ﵃.
(١) من آية ٩ من سورة النساء. (٢) من آية ١٢٧ من سورة النساء. (٣) آية ٢٩ من سورة النساء. (٤) من آية ٦ من سورة النساء. (٥) أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٦٥، وأيضاً المحلى ٨/ ٣٢٨. (٦) من الآية ٤١ من سورة الأنفال، وفي حديث عمرو بن عبسة ﵁ أن النبي ﷺ قال: " ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود عليكم "إسناده صحيح، أخرجه أبو داود في الجهاد/ باب في الإمام يستأثر بشيء من الفيء لنفسه (٢٧٥٥)، وله شاهد من حديث عبادة ﵁ في قسم الفيء (٤١٤٣)، وابن ماجه في الجهاد/ باب الغلول (٢٨٥٠).