للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

ونوقش: بأن هذا باطل بطلاق الهازل، ثم إن كان شرطا فهو موجود ههنا؛ لأنه قاصد دفع الهلاك عن نفسه، ولا يندفع عنه إلا بالقصد إلى ما وضع له فكان قاصداً إليه ضرورة (١).

دليل القول الثاني: (فساد العقد)

استدل القائلون بفساد هبة المكره: أن ركن العقد -وهو الإيجاب والقبول- قائم لا خلل فيه؛ لأنه صدر من أهله مضافا إلى محله، وإنما كان فاسدا لفقدان شرطه -وهو الرضا- وفوات الشرط إنما يؤثر في فساد العقد لا بطلانه.

بيان ذلك: أن الرضا أمر يتعلق بالعاقد المكره، فإذا وجد الرضا بعد زوال الإكراه فحينئذ يزول سبب النهي ويصير العقد صحيحا (٢).

ويناقش هذا الدليل من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: عدم التسليم بأن الرضا شرط الصحة، بل هو ركن كالإيجاب والقبول، وما دام أنه ركن فيبطل العقد عند فقده.

الوجه الثاني: عدم التسليم بأن الإيجاب والقبول قائم في عقد المكره بدون خلل، فالإكراه خلل يؤثر في الإيجاب والقبول.

الوجه الثالث: أن العقد مع الإكراه لو كان فاسدا ما ارتفع الفساد بالإجازة؛ لأن الفاسد لا تجعله الإجازة صحيحا (٣).

وأجاب الكاساني (٤) عنه بقوله: " البياعات الفاسدة لا تلحقها الإجازة؛ لأن فسادها لحق الشرع من حرمة الربا ونحو ذلك، فلا يزول برضا العبد،


(١) بدائع الصنائع، مصدر سابق، (٧/ ١٨٦).
(٢) بدائع الصنائع (٧/ ١٨٦)، تبيين الحقائق (٥/ ١٨٢ - ١٨٣).
(٣) المصدران السابقان، صيغ العقود (١/ ٤٠٩).
(٤) بدائع الصنائع، المصدر نفسه، (٧/ ١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>