وحجة القول بالجواز مطلقا: عموم أدلة القضاء بشهادة العدل والعدلين في حديث البينة على المدعي،
(٢٤٥) لما روى البخاري ومسلم من طريق منصور، عن أبي وائل، قال: قال عبد الله ﵁: من حلف على يمين يستحق بها مالا وهو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان، فأنزل الله تصديق ذلك: ﴿إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا﴾ فقرأ إلى ﴿عذاب أليم﴾ [آل عمران: ٧٧]، ثم إن الأشعث بن قيس خرج إلينا، فقال ما يحدثكم أبو عبد الرحمن؟ قال: فحدثناه، قال: فقال: صدق، لفي والله أنزلت، كانت بيني وبين رجل خصومة في بئر، فاختصمنا إلى رسول الله ﷺ، فقال رسول الله:«شاهداك أو يمينه»(١).
وحديث القضاء بالشاهد واليمين (٢)، وغير ذلك، فإنها تشمل شهادة الشاهد لغير من شهد له، ولمن شهد له.
وحجة من قال بردها مطلقا: تهمة تواطؤ الشاهدين على أن يشهد كل واحد منهما للآخر للوصول إلى مبتغاه من الحصول على الوصية، فيكون من باب اشهد لي وأشهد لك.
وأما من فرق بين الشهادة في مجلس أو مجلسين: فرأى أن التهمة قوية إذا كانت الشهادتان في مجلس واحد، بخلاف ما لو شهد أحدهما بوصية لشخص في مجلس، ثم قام الشاهد يدعي وصية فشهد له الموصى له الأول المشهود له من طرف الشاهد، فإن تهمة التواطؤ ضعيفة فلا ترد بها الشهادة.
وهذا قول ابن القاسم ومن معه، وهو الأرجح عند المالكية.
(١) صحيح البخاري -كتاب الرهن/ باب إذا اختلف الراهن والمرتهن (٢٣٨٠)، ومسلم -كتاب الإيمان/ باب وعيد من اقتطع مال حق مسلم بيمين فاجرة (٣٧٣). (٢) تقدم تخريجه برقم (٢٤٠).