ووجه ذلك ظاهر؛ لأنه إذا أطلق يكون اللفظ عاما، والعام في الأشخاص يستلزم العموم في الأمكنة، وفي حالة التقييد يكون عين المكان مشترطا، والمسلمون على شروطهم (١)، وأيضا يكون الكلام خاصا ومقيدا بأهل ذلك المكان، والخاص يجب إبقاؤه على خصوصه، كما يجب إبقاء المقيد على قيده (٢) والعمل بهما كذلك.
وقال بعض الحنفية: المعتبر مكان المال كالزكاة، ويكره نقلها من بلد لبلد، وإذا عين الموصي أهل بلد جاز دفعها لغيرهم، فإذا أوصى لفقراء مكة جاز دفعها لفقراء المدينة، وإذا أوصى لفقراء العراق جاز دفعها لفقراء مصر وهكذا (٣).
ولعل هذا مبني على أصلهم في عدم الاحتجاج بمفهوم المخالفة خاصة وأن هذا مفهوم اللقب، فإذا قال: فقراء مكة، لم يكن للفظ مكة مفهوم مخالف عندهم (٤).
(١) سبق تخريجه برقم (١٦٩). (٢) البحر المحيط للزركشي، مرجع سابق، ٥/ ٨. (٣) الفتاوى الهندية، مرجع سابق، ٦/ ١٩٠، ١٣٤. (٤) الوصايا والتنزيل، مصدر سابق، ص ٣٤٥.