للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

مصالح عظيمة وفوائد كبيرة في الأمة، والمجتمع والأفراد، وفي الدنيا والآخرة، كما سيأتينا عند الحديث على حكمة الوقف.

ولذا سارع المسلمون إلى تحبيس الأموال في شتى مجالات الحياة كبناء المساجد والمدارس، والربط، وحفر الآبار، وتعبيد الطرق، ودور الأيتام، والمستشفيات، وطباعة الكتب، وما يتعلق بالجهاد في سبيل الله ﷿، وغير ذلك حتى شملت الأوقاف الحيوان والطير.

ولقد لقي الوقف في الفقه اهتماماً بالغاً من علماء المسلمين، فأولوه عناية فائقة تتمثل بنشر أحكامه للناس وتعليمها، والحث عليه وبيان فضائله ومصالحه، والدفاع عنه، وتأليف المؤلفات في أحكامه، وقد كتب فيه علماء الإسلام على اختلاف مشاربهم؛ فكتب فيه المفسرون، والمحدثون، والفقهاء، بل وتعرض له علماء الاعتقاد والتنظير في بعض مباحثهم، وكذلك تناوله وحث عليه علماء السلوك، وعلماء الاجتماع، وكتب فيه القضاة والمنظمون.

ذلك أن الوقف يعتبر في عداد الأعمال الصالحة التي شرعها الله تعالى في كتابه، والنبي في سنته، وأمر بها، ومن الطاعات التي رغبت فيها أمة الإسلام، فكان المسلمون في كل مكان وعلى مختلف العهود والأعصار يبادرون إليه ابتغاء فضل الله ﷿ ومرضاته سبحانه، وعملا بقوله: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (٩٢)(١).

فمنذ الصدر الإسلامي الأول أقبل المسلمون عليه، فكانوا يبادرون إلى وقف بعض أموالهم، ويسارعون إلى تحبيسها، ليتم صرف ريعها على بعض المجالات الخيرية الدينية والاجتماعية، فأخذت الوقوف تكثر في البلاد


(١) آية ٩٢ من سورة آل عمران.

<<  <  ج: ص:  >  >>