الحارثي والشارح؛ لأنه تبرع أشبه الوصية به. قال في القاعدة السابعة والثمانين: وليس بين القاضي وصاحب المغني خلاف في الحقيقة؛ لأن نقل اليد في هذه الأعيان جائز كالوصية، وقد صرح به القاضي في خلافه " (١).
وعند شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀(٢) يجوز الانتفاع بالنجاسات، كما جاء في الاختيارات: "ويجوز الانتفاع بالنجاسات، وسواء في ذلك شحم الميتة وغيره، وهو قول الشافعي، وأومأ إليه أحمد في رواية ابن منصور" ففيه جواز الوصية به، ويدل لهذا:
(١٩٩) ما رواه البخاري ومسلم من طريق عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله ﵄ أنه سمع رسول الله ﷺ يقول عام الفتح -وهو بمكة-: " إنَّ الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة؟ فإنه يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال: لا، هو حرام، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك: قاتل الله اليهود إن الله ﷿ لما حرم عليهم شحومها أجملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه " (٣).
في الحديث جواز الانتفاع بالنجاسات، وإذا ثبت هذا جاز الوصية بها.
والخلاصة: أن الوصية بالمحرم لعينه لا تخلو من حالتين:
الحالة الأولى: الوصية به لما يتضمنه من منافع مباحة، فجائز.
الحالة الثانية: الوصية به لما يتضمنه من منافع محرمة، فلا يجوز.
(١) كشاف القناع، نفسه ٤/ ٣٢١. (٢) الاختيارات الفقهية، مصدر سابق، (١/ ٢٦). (٣) صحيح البخاري -كتاب البيوع/ باب بيع الميتة والأصنام (٢١٢١)، ومسلم -كتاب المساقاة/ باب تحريم بيع الخمر والميتة والأصنام (١٥٨١).