وجه الدلالة: أن الله علق دفع أموال اليتامى إليهم على شرطين -هما البلوغ والرشد- والحكم المعلق على شرطين لا يثبت بدونهما (٢)، فدلت على أن البالغ السفيه لا يدفع إليه ماله، بل يمنع من التصرف فيه حتى يرشد ومن ذلك الوصية (٣).
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الآية تدل على منع المال من اليتيم إلى أن يؤنس منه الرشد بعد البلوغ، وليس في الآية ما يدل على الحجر عليه عن التصرف (٤).
وأجيب عن هذه المناقشة: بأن منع المال منه لا يفيد شيئاً إذا كان تصرفه نافذاً؛ لأنه يتلف ماله بنفوذ تصرفه وإقراره، ثم لو كان تصرفه نافذاً لسلم إليه
(١) من الآية ٦ من سورة النساء. (٢) انظر: معرفة السنن والآثار عن الإمام الشافعي للبيهقي (٤/ ٤٦٥)، كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري (٤/ ٦٠٣)، المغني لابن قدامة (٦/ ٥٩٦). (٣) يؤيد هذا المعنى: ما أخرجه مسلم في صحيحه (٣/ ١٤٤٤)، ح (١٨١٢) عن ابن عباس ﵄ أنه سئل عن انقضاء يتم اليتيم فقال: " فلعمري إن الرجل لتنبت لحيته، وإنه لضعيف الأخذ لنفسه، ضعيف العطاء منها، فإذا أخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب عنه اليتم ". (٤) المبسوط (٢٤/ ١٦٠)، البناية بشرح الهداية (١٠/ ١٠٩ - ١١٠).