أما الوصية فإنها لا تلزم، ويجوز للوصي أن يرجع في جميع ما أوصى به أو بعضه، إلا الوصية بالإعتاق، والأكثرون على جواز الرجوع فيها أيضاً (١).
وإنما كان له الرجوع في الوصية؛ لأن التبرع بها مشروط بالموت، فلم يملك إجازتها ولا ردها فقبل الموت لم يوجد التبرع (٢)، بخلاف الوقف.
١٧ - أن التمليك في الوصية ينصب -غالباً- على ذات العين الموصى بها، وقد ينصب -أحياناً- على منفعة العين، في حين أن الوقف يخرج العين من أن تكون مملوكة لأحد، فلا تمليك فيه أبداً، وإنما فيه تخصيص منفعة لا غير (٣).
١٨ - أن التمليك في الوصية لا يتحقق -أي لا يظهر حكمه قطعا إلا بعد موت الموصي- في حين يظهر حكمه في الوقف أثناء حياة الواقف وبعد مماته (٤).
١٩ - أن الوصية لا تجوز إلا في حدود الثلث، وما زاد على الثلث يقف على إجازة الورثة، فإن أجازوه جاز، وإن ردوه بطل في قول جمهور العلماء، في حين أن الوقف لا حد لأكثره، إلا إذا كان في مرض الموت أو معلقاً بالموت، فإن الوقف في مرض الموت كالوصية في حق نفوذه من الثلث، والوقف المضاف إلى ما بعد الموت وصية حتى إنه يجوز الرجوع عنه، فإن مات من غير رجوع عنه ينفذ من الثلث (٥).
(١) المغني، مصدر سابق، ٨/ ٤٦٨. (٢) المصدر نفسه، ٨/ ٤٧٥. (٣) الوقف والوصايا للخطيب، مصدر سابق، ص ٦. وانظر: أوقاف الخصاف، مصدر سابق، ١٩ و ٢٠. (٤) الوقف والوصايا للخطيب نفسه. (٥) الإسعاف ٣٩، والمغني ٨/ ٤٠٤.