للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يخصه، وليس إلا القول المترجم عما في النفس، وإلا كان رجوعاً بالبيان إلى غير ما جعل الله أمره إليه (١).

ويناقش هذا الدليل: بأنَّ التمييزَ بين العقود يكون باللفظ، وبالقرائن والظروف المحيطة بها، وبالعرف الغالب.

فإذا ركب شخصٌ سيارةَ أجرةٍ، ودفع لصاحبها الثمن بعد وصوله مقصده ولم يحدث بينهما كلام، فالعقد إجارة، وإذا أعطى شخص صديقا له ليلة عرسه قلما أو ساعة ونحوهما فالعقد هبة، وإذا دفع رجل إلى بائع الخبز ريالا وأعطاه به خبزا فالعقد بيع، وإذا بنى أرضه مسجداً، وأذن للصلاة فيها كانت وقفاً، وهكذا.

فالعرف والقرائن والظروف تعين على فهم المقصود بوضوح دون لبس أو غموض.

٥ - ولأنه إزالة ملك على وجه القربة، فلا يصح بالفعل كالعتق (٢).

ونوقش: بعدم التسليم، فالعتق يصح بالفعل كما لو مثل بعبده، فإنه يعتق عليه.

٦ - واحتجوا على جواز بناء ووقف المسجد ونحوه من الربط في الموات: بأن الموات لم يدخل في ملك من أحياه مسجداً (٣).

الترجيح:

الراجح -والله أعلم بالصواب- رجحان القول الأول، القاضي بصحة عقد الوقف بالصيغة الفعلية؛ لقوة أدلة هذا القول، وضعف أدلة الأقوال الأخرى؛ حيث لم تسلم من المناقشة والنقد.

ولأنَّ الألفاظ لم تقصد لذواتها، وإنما هي أدلة يستدل بها على مراد


(١) الروض النضير، مصدر سابق، ٣/ ٤٢٧ - ٤٢٨.
(٢) المهذب، مصدر سابق، ١/ ٤٤٢.
(٣) نهاية المحتاج، مصدر سابق، ٤/ ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>