وأما الحنفية، والشافعية، فقد سبق أن الهبة لا تملك عندهم إلا بالقبض.
ودليلهم:
١ - ما تقدم من الأدلة على أن الهبة قبل القبض غير لازمة (٣)، وقالوا بالكراهة خروجاً من خلاف من قال: إن الهبة تلزم بالعقد (٤).
ونوقش هذا الاستدلال: بعدم التسليم، فالهبة تلزم بمجرد العقد كما سبق.
٢ - أن الهبة تبرع وإحسان، فكان للواهب الخيار في الرجوع فيها قبل تمامها بالقبض.
ونوقش: بأنه استدلال بمحل النزاع.
القول الثالث: أن الرجوع في الهبة جائز إذا كانت مكيلة أو موزونة، وإن كانت من غيرهما لم تجز.
(١) مواهب الجليل ٦/ ٥٤ - ٥٥، شرح الأبي لصحيح مسلم ٥/ ٥٨٤، قال في مواهب الجليل: " قال المازري: للواهب الرجوع في هبته قبل حوزها عند جماعة، وفي قول شاذ عندنا، وحكاها الطحاوي عن مالك، وحاكاها ابن خويز منداد عن مالك ". (٢) شرح منتهى الإرادات ٢/ ٢٢، وقال: " ولا يصح رجوع واهب في هبته بعد قبض … ويحرم الرجوع بعده "، وقال في كشاف القناع ٤/ ٣٠١: " ولواهب - أيضاً - الرجوع في هبة قبل قبض؛ لأن عقد الهبة لم يتم فلا يدخل تحت المنع، قال الحارثي: وعتق الموهوب، وبيعه، وهبته قبل القبض رجوع لحصول المنافاة مع الكراهة خروجاً من خلاف من قال: إن الهبة تلزم بالعقد ". وينظر: مطالب أولي النهى ٤/ ٣٨٦، فالهبة غير اللازمة يكون الواهب فيها بالخيار بين إمضائها والرجوع فيها، المغني ٨/ ٢٤٢. (٣) ينظر: فصل القبض/ أثر القبض في لزوم الهبة، المغني ٨/ ٢٤٤، الإنصاف ٧/ ١١٩. (٤) كشاف القناع، مصدر سابق، ٤/ ٣٠١.