ونوقش هذا الاستدلال: بأن ما ذكر مسلّم به لولا النص الوارد في هذه المسألة وهو أمره ﷺ لبشير ﵁ بردّ ما وهبه للنعمان ﵄، فلو كانت الهبة صحيحة لما أمره ﷺ بذلك.
وأجيب عنه: بما تقدم.
القول الثاني: أن الهبة باطلة.
وبه قال بعض المالكية (١)، والظاهرية (٢)، ورواية عند الحنابلة (٣).
وحجتهم:
حديث النعمان بن بشير ﵄، وفيه قوله ﷺ:" فارتجعه ".
والارتجاع يقتضي بطلان الهبة.
ونوقش هذا الاستدلال: بأن الارتجاع لا يلزم منه البطلان، كالارتجاع في السلعة المبيعة، أو المدلسة لا يلزم منه بطلان البيع، وإنما لأجل العدل بين الأولاد.
الترجيح:
لعل الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من أن الأب إذا حابى بعض أولاده في الهبة، ولم يسوّ بين البقية، أو يرجع في هبة المفضّلين فإن الهبة صحيحة؛ وذلك لوجاهة ما استدلوا به.