للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للاستقرار أو عدمه في إسقاط الدَّين، والإسقاط يُتسامح فيه ما لا يتسامح في المعاوضة؛ ولذا ذكر الشافعيَّة (١) على أحد الوجهين لهم أنَّ الإبراء إسقاطُ حقٍّ فصحَّ معلوماً ومجهولاً، كالعتق.

الأمر الخامس: هبة الدَّين غير المستقر لغير مَن هو عليه.

مثال ذلك: أن يقول الدائنُ لشخصٍ آخر -غير المدين- وهبتُكَ ما لي من دَين في ذمَّة زيد مثلاً.

والصُّورة في هذه المسألة ليس فيها إسقاطٌ للدَّين حتى تأخذ حكمه، بل فيها عطيَّة من جانب الدَّائن لطرف ثالث يتبعه انتقال الحق في الدَّين من الدَّائن لطرف ثالث، ويترتَّب عليه حق مطالبة الطرف الثالث المدين بالدَّين.

وقد اختلف الفقهاء في حكم هبة الدَّين المستقر لغير مَن هو عليه على قولين:

القول الأول: أنَّ هبةَ الدَّين غير المستقر لغير مَن هو عليه صحيحة.

وهو قياس قول المالكيَّة (٢) في صحَّةِ هبة المبيع قبل قبضه، وصحَّة بيع الكتابة.

القول الثاني: أنَّ هبةَ الدَّين غير المستقر لغير مَن هو عليه لا تصح.

وهو مذهب الحنفيَّة (٣)، والشافعيَّة (٤)، والحنابلة (٥).


(١) الحاوي الكبير (٦/ ٣٣١)، فتح العزيز (٥/ ١٥٧).
(٢) المنتقى (٤/ ٢٨١ - ٢٨٢)، عقدُ الجواهر الثمينة (٢/ ٧٢١)، أحكام الاستقرار ص ٣٦٦.
(٣) فتح القدير (٧/ ١٦٣)، تبيين الحقائق (٤/ ٨٣)، الدُّر المختار (ص ٤٢٧)، حاشية ابن عابدين (٥/ ١٥٢)، فغير المستقر لا تصحُّ هبتُهُ من باب أولى (أحكام الاستقرار ص ٣٦٨).
(٤) تحفة المحتاج مع المنهاج (٦/ ٣٠٤ - ٣٠٥)، نهاية المحتاج (٥/ ٤١٣).
(٥) الإنصاف (٥/ ١٠٩)، كشَّاف القناع (٣/ ٣٠٦)، أحكام الاستقرار ص ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>