وعلَّلَ لرأي الصاحبين: بأنَّ هذه هبة الجملة منهما؛ إذ التمليكُ واحدٌ فلا يتحقق فيه الشيوع، وبأن الشيوع لم يوجد إلا من أحد الطرفين فلا يفسد؛ إذ ليس فيه إلزام المتبرع مؤنة القسمة فصارت كالمسألة الأولى (١).
ويُناقش من وجوه:
الأول: أنّ التعليل الثاني مناقض للأول حيث ينفي الشيوع، والثاني يثبت وجوده من أحد الطرفين.
الثاني: أنَّ الواهبَ وهبَ كلَّ واحدٍ منهما النصف -في الحقيقة- وإن وهبها لهم بلفظ واحد، بدليل أنهما لو اقتسماها لحصل لكل واحد نصف العين، وهذه هبة المشاع.
الثالث: ما تقدم من أن الشيوع في الهبة لا يؤدي إلى إلزام الواهب ما لم يلتزمه من مؤنة القسمة (٢).
أما أبو حنيفة فيقول: إن هذه هبة النصف لكل واحد فيستدل له بما تقدم من الأدلة على عدم صحة هبة المشاع الذي ينقسم (٣).
وقد تقدمت مناقشتها -والله أعلم.
الأمر الثاني: هبة أحد الشريكين جميع المشاع.
إذا وهب أحد الشريكين جميع المشاع المشترك بينه وبين شريكه، فإنه يجري في نصيبه الخلاف السابق في هبة أحد الشريكين لنصيبه، أما نصيب شريكه فيجري فيه الخلاف في هبة الفضولي (٤).
ويلاحظ أن الحنفية يصححون هذه الهبة إذا أجازها الشريك.