فليفعل، ومن أحب أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا، فقال الناس: طيبنا لك " (١).
وجه الاستدلال: أن الرسول ﷺ وهب نصيبه من الغنيمة، ونصيبه منها مشاع.
ونوقش من وجوه:
الوجه الأول: أنَّ الرسولَ ﷺ إنما قال ذلك على وجه المبالغة في النهي عن الغلول، أي: لا أملك إلا نصيبي، فكيف أطيب لك بشيء من الغنيمة، ألا ترى أنه ليس لواحد من الغانمين أن يهب نصيبه قبل القسمة؛ لأنه لا يدري أين يقع نصيبه، أو كان ذلك مما لا يحتمل القسمة (٢).
ويُجاب عنه: بأنَّ هذه مجرد احتمالات لا تنهض في مقابل تصريح النبي ﷺ بهبته لنصيبه، ولأخبر بأنه لا يستطيع هبة نصيبه؛ لأنه غير متميز، فلما لم ينقل عنه شيء من ذلك دل على صحة هبة المشاع.
أما القول بأنه مما لا يحتمل القسمة، فهذا قول ينقضه الدليل الدال على صحة هبة المشاع سواء كان مما يحتمل القسمة أو مما لا يحتملها.
الوجه الثاني: أنَّ هذا ليس فيه هبة شرعية، وإنما هو رد سبيهم إليهم على وجه المن عليهم، ورد الشيء لصاحبه لا يسمى هبة (٣).
ويجاب عنه: بأنَّ هذا غير مُسلَّم؛ لأنَّ النبي ﷺ ملك الغنيمة وأصحابه، بدليل قوله ﷺ: "نصيبي لكم" ولو كان لم يملكها لما قال ذلك، ولما استأذن النبي ﷺ أصحابه في ردِّها لهم.
الوجه الثالث: أنَّ النبي ﷺ قسم الغنيمة قبل مجيء وفد هوازن (٤)، وإذا
(١) سبق تخريجه برقم (١٢٠). (٢) بدائع الصنائع، مرجع سابق، (٦/ ١٢١). (٣) عمدة القارئ (١٣/ ١٦٤)، أحكام المشاع (١/ ٥٢٤). (٤) انظر دليل قسمته ﷺ للغنائم في: فتح الباري (٨/ ٣٤ - ٣٦)، عمدة القارئ (١٧/ ٢٩٨).