المختلفة، سواء كانت على جهات خاصة كالقرابة والذرية، أم على جهات عامة كالفقراء والمساكين، مما يدل على مشروعية الوقف بنوعيه: الذري والخيري، لكن المتأمل في كثير من الأدلة التي وردت عن وقوف الصحابة -رضوان الله عليهم-يجد أن قسما كبيرا منها كانت على الذرية، والقرابة، وكان غرضهم من ذلك التقرب إلى الله تعالى وابتغاء مرضاته (١)، ولعلي أورد بعضا منها في هذا الموضع.
(٣٧) روى البيهقي: أخبرنا أبو سعيد يحيى بن محمد بن يحيى المهرجاني الخطيب، ثنا أبو بحر البربهاري، ثنا بشر بن موسى، ثنا أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي قال:" وتصدق أبو بكر الصديق ﵁ بداره بمكة على ولده، فهي إلى اليوم، وتصدق عمر بن الخطاب ﵁ بربعه عند المروة وبالثنية على ولده، فهي إلى اليوم، وتصدق علي بن أبي طالب ﵁ بأرضه بينبع، فهي إلى اليوم، وتصدق الزبير بن العوام ﵁ بداره بمكة في الحرامية، وداره بمصر، وأمواله بالمدينة على ولده، فذلك إلى اليوم، وتصدق سعد بن أبي وقاص ﵁ بداره بالمدينة وبداره بمصر على ولده، فذلك إلى اليوم وعثمان بن عفان ﵁ برومة، فهي إلى اليوم، وعمرو بن العاص ﵁ بالوهط من الطائف وداره بمكة على ولده، فذلك إلى اليوم، وحكيم بن حزام ﵁ بداره بمكة والمدينة على ولده، فذلك إلى اليوم" قال: وما لا يحضرني ذكره كثير، يجزئ منه أقل مما ذكرت " (٢).
(١) الوقف على الذرية/ كتاب مؤتمر الأوقاف الأول ٢/ ٦٣. (٢) سنن البيهقي ٦/ ١٦١. إسناده معضل؛ الحميدي لم يدرك هؤلاء الذين روى عنهم. قال ابن حزم في المحلى ٩/ ١٨٠: " وحبس عثمان بئر رومة على المسلمين بعلم رسول الله ﵌ ينقل ذلك الخلف عن السلف، جيلا بعد جيل، وهي مشهورة بالمدينة، وكذلك صدقاته ﷺ بالمدينة مشهورة كذلك. وقد تصدق عمر في خلافته بثمغ، وهي على نحو ميل من المدينة وتصدق بماله وكان يغل مئة وسق بوادي القرى كل ذلك حبسا، وقفا، لا يباع ولا يشترى، أسنده إلى حفصة، ثم إلى ذوي الرأي من أهله. وحبس عثمان، وطلحة، والزبير، وعلي بن أبي طالب، وعمرو بن العاص: دورهم على بنيهم، وضياعا موقوفة. وكذلك ابن عمر، وفاطمة بنت رسول الله ﵌ وسائر الصحابة جملة صدقاتهم بالمدينة أشهر من الشمس، لا يجهلها أحد. وأوقف عبد الله بن عمرو بن العاص "الوهط" على بنيه، اختصرنا الأسانيد لاشتهار الأمر". وستأتي هذه الآثار، ينظر: الوقف على النفس.