الوجه الثاني: أن إلزامه بالقضاء حال سكره دليل على عدم صحة صلاته حال سكره مما يدل على عدم تكليفه، لتغطية عقله (١).
الوجه الثالث: أن إلزامه بالقضاء حال سكره لا يلزم منه صحة هبته بدليل النائم يجب عليه قضاء الصلاة، ولا تصح هبته بالإجماع (٢).
دليل القول الثالث:(صحة هبته مع عدم لزوم العقد)
استدل القائلون بصحة ما يصدره السكران من هبة مع عدم لزوم العقد:
أن السكران بسكره يقصر تمييزه في معرفته بالمصالح عن السفيه، والسفيه لا يلزمه العقد، فالسكران من باب أولى؛ لنقصان عقله بالسكر (٣).
ونوقش هذا الاستدلال: بالفرق بين السكران والسفيه؛ إذ السفيه عقله باق بخلاف السكران فعقله مغطى عليه.
ودليل القول الرابع:(صحة هبته، ولا يصح اتهابه)
أنه تصح هبته، ولا يصح اتهابه تغليظاً عليه؛ لتسببه في إزالة عقله بمحرم قصداً (٤).
ونوقش: بأن العقوبة الشرعية تكفي عقاباً وتغليظاً على السكران، ولم يعهد عن الشريعة العقاب بهذا الجنس من تصحيح قوله في العقود التي عليه كهبته، وبطلانها في العقود التي له.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- عدم صحة هبة السكران؛ لقوة أدلته، وموافقتها
(١) الأحكام شرح أصول الأحكام (٤/ ١١٢)، شرح غاية السول ص (١٨٨). (٢) بداية المجتهد (١٨٢)، تكملة المجموع (١٧/ ٦٤)، صيغ العقود ص ١٨٩. (٣) المعلم بفوائد مسلم (٢/ ١٥٦)، مواهب الجليل (٤/ ٢٤٢). (٤) الحاوي (٣/ ١٠٨)، روضة الطالبين (٨/ ٦٢)، حاشية الجمل على شرح المنهج (٤/ ٣٢٢).