إذ ما لا تبقى عينه يتلف بالانتفاع به، كالشمع، والدهن، والريحان، فلا يصح وقفه؛ إذ هو مناف لمقصود الوقف الذي يقصد منه الدوام (١).
ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:
الوجه الأول: أنه لا يسلم اشتراط التأبيد فيما يصح وقفه، كما سيأتي في مبحث وقف ما يفنى باستيفاء النفع منه.
الوجه الثاني: أن التأبيد أمر نسبي، فما من شيء إلا ويتلف، فتأبيد كل شيء بحسبه.
٢ - أن الوقف نقل للملك في الحياة فأشبه البيع (٢)، فدل على أنه لا يصح إلا في عين يصح بيعها.
ويناقش من وجهين:
الأول: أن تشبيهه بالبيع لا يسلم به؛ إذ البيع معاوضة والوقف تبرع، وثم فرق بين المعاوضة والتبرع، فإن التبرع لا يشترط فيه كل ما يشترط للمعاوضة، من العلم، والقدرة على التسليم، ونحو ذلك (٣).
الثاني: أن نقل الملك في الوقف موضع خلاف، كما سيأتي في مبحث ملكية الوقف، بخلاف نقل الملك في البيع فإنه ينتقل إلى المشتري وله كامل التصرف فيه.
الترجيح:
الراجح -والله أعلم- ما ذهب إليه شيخ الإسلام؛ لأن الأصل في الوقف أنه قربة وفعل خير فيكثر منه ويحث عليه، وعلى ما ذهب إليه شيخ الإسلام تدخل كثير من الصور التي يصح فيها الوقف، من ذلك:
(١) المغني ٨/ ٢٣٠، وينظر: شرط كون الموقوف عيناً تبقى بعد استيفاء النفع منها. (٢) المغني المصدر نفسه، ٨/ ٢٣١. (٣) ينظر: شرط كون الموقوف معلوما، مقدورا على تسليمه.