وقال ابن قاضي الجبل:" هذا الحديث دل على مساغ مطلق الإبدال في الأعيان الموقوفات للمصالح الراجحات "(١).
٢ - ما رواه عمر ﵁ قال: حملت على فرس في سبيل الله، فأضاعه الذي كان عنده، فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك النبي ﷺ فقال:" لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في قيئه "(٢).
وجه الاستدلال: قول عمر ﵁ في الحديث: (فأضاعه) يقتضي أن الذي كان عنده قد قصر في حقه حتى ضعف، فبيع لضياعه وضعفه، ولم ينكر الرسول ﷺ ذلك لكنه نهى عمر ﵁ عن شرائه، لتصدقه به.
والظاهر من الحمل في سبيل الله: أن المراد بذلك حقيقة الحبس، بل هو المتبادر من الحديث، خصوصاً وقد سماه (صدقة) في قوله: "ولا تعد في صدقتك"، ولفظ الصدقة من ألفاظ الوقف، كما في حديث عمر ﵁:"فتصدق بها عمر"(٣).
(٢٥٣) ٣ - ما رواه الطبراني: حدثنا علي بن عبد العزيز، حدثنا أبو نعيم، حدثنا المسعودي، عن القاسم قال:" لما قدم عبد الله بن مسعود ﵁ يعني إلى الكوفة كان سعد بن مالك قد بنى القصر، واتخذ مسجداً عند أصحاب التمر، قال: فنقب بيت المال، فأخذ الرجل الذي نقبه فكتب إليه عمر ﵁: " لا تقطع الرجل، وانقل المسجد، واجعل بيت المال في قبلته، فإنه لن يزال في المسجد مصل، فنقله عبد الله، فخط له هذه الخطة " (٤).
(١) المناقلة بالأوقاف ص ٤٣. (٢) تقدم تخريجه برقم (٤٧). (٣) المناقلة بالأوقاف ص ٥٠. (٤) المعجم الكبير ٩/ ١٩٢. وأخرجه أبو بكر عبد العزيز غلام الخلال في كتابه الشافي بواسطة مجموع الفتاوى ٣١/ ٢١٥ ثنا صالح بن أحمد، ثنا أبي، ثنا يزيد بن هارون، ثنا المسعودي، ثنا القاسم، به. القاسم لم يسمع من جده ابن مسعود (جامع التحصيل ص ٢٥). وأورده ابن قاضي الجبل في كتابه المناقلة بالأوقاف ص ٣٦/ ٣٧ بهذا السند، وقال: " القاسم هذا الذي روى القصة هو ابن عبد الرحمن أبو عبيدة ابن عبد الله بن مسعود، فعبد الله جده، وهو وأبو عبيدة والده لم يدركا ابن مسعود، بل لما توفي ابن مسعود كان لأبي عبيدة أشهر، لكنه من أثبت المراسيل، فإن القاسم من أعلم الناس بحال جده وأمره وشأنه لا يطلق هذا الإطلاق إلا بعد تحققه وعلمه وشهرة هذا الأمر، مثل هذا المرسل يقول به جمهور أهل العلم، ثم قال بعد سياق أقوال العلماء في مثل هذا المرسل: فتحرر أن مثل هذا المرسل لا ينازع الجمهور في قبوله وصحة الاحتجاج به ". ثم قال: " وأما يزيد بن هارون شيخ الإمام أحمد سيد من سادات المسلمين، وشيخه عبد الرحمن المسعودي فجليل المقدار، قال أبو الفرج ابن الجوزي: اتفقوا على أنه ثقة … وهذه الواقعة اشتهرت بالحجاز والعراق، والصحابة متوافرون فلم ينقل إنكارها ولا الاعتراض فيها من أحد منهم، بل عمر هو الخليفة الآمر، وابن مسعود هو المأمور الناقل، فدل هذا على شياع القصة، وعلى الإقرار عليها والرضى بموجبها ".