الثالث: أثر الوقف في التصدي للاستعمار في بلاد المغرب العربي:
في المغرب العربي لعب الوقف دوراً رئيسياً في المحافظة على تماسك المجتمع الإسلامي الذي وقع تحت سلطات احتلال أجنبية أخرى، ليس في النواحي الاقتصادية وحدها، بل حتى النواحي السياسية والتعليمية، وفي مقاومة التنصير، ومقاومة الانصهار والخضوع للانحلال.
كل هذه المواقف الرافضة للاحتلال اعتمدت في الجزء الأكبر منها على ما أتاحته موارد الموقوفات على المدارس والحبوسات على الزوايا والربط والمساجد التي سميت بالحبوس في الشمال الإفريقي، ولقد أدت تلك الوقوف للعلم الشرعي واللغة العربية خدمات محمودة، فلولا موارد الأوقاف المغربية التي عضدت الدراسات الإسلامية في بلاد المغرب العربي زمن الاحتلال الفرنسي لعفيت لغة القرآن وضاع كثير من العلم الشرعي.
وبالرغم من أن الاحتلال الفرنسي استطاع أن يوجد تمزقاً وخللا في الأوضاع الاقتصادية للشعوب العربية في شمال إفريقية، وذلك نتيجة استيلائه على الأموال والأراضي العامة التي تعود للدولة، غير أن الأوقاف التي خصصت للمساجد والمدارس والكتاتيب والربط لم يكن من السهل الاستيلاء عليها.
ومن هنا، فإن علماء المسلمين هناك مثل: الثعالبي، والطاهر بن عاشور، وابن باديس، والشنقيطي، وحسني عبد الوهاب، وغيرهم من العلماء في بلاد المغرب استطاعوا جميعاً أن يتصدوا للاستعمار الفرنسي ولمساعي الكنيسة الكاثوليكية، كما فعل إخوانهم في ليبيا في مقاومتها ومقاومة الاستعمار الإيطالي؛ لأنهم جميعاً اعتمدوا على أوقاف المدارس والمساجد؛ مثل مدرسة القرويين، ومدرسة تلمسان، وجامعة الزيتونة، ومدارس فاس ومراكش والريف المغربي والزوايا والتكايا السنوسية؛ إذ