فأخذهم المشركون وأبو جهل، فعرضوا على بلال أن يكفر فأبى، فجعلوا يضعوا درعا من حديد في الشمس ثم يلبسونها إياه، فإذا ألبسوها إياه قال: أحد أحد. وأما خباب فجعلوا يجرونه في الشوك. وأما عمار فقال لهم كلمة أعجبتهم تقية. وأما الجارية [فوتد](١) لها أبو جهل أربعة أوتاد ثم مدها فأدخل الحرية في قبلها حتى قتلها، ثم خلوا عن بلال وخباب وعمار فلحقوا برسول الله ﷺ، فأخبروه بالذي كان من أمرهم، واشتد على عمار الذي تكلم به. فقال له رسول الله ﷺ:"كيف كان قلبك حين قلت الذي قلت، أكان منشرحا بالذي قلت أم لا؟ " قال: فأنزل الله ﷿ ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ (٢).
٩٦٥٨ - حدثنا علان، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: ﴿إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان﴾ فأخبر الله ﷿ أنه من كفر بعد إيمانه فعليه غضب من الله وله عذاب عظيم، فأما من أكره وتكلم به بلسانه وخالفه قلبه بالإيمان لينجو بذلك من عدوه فلا حرج عليه، لأن الله ﷿ إنما يؤاخذ العباد بما عقدت عليه قلوبهم (٣).
(١) في "الأصل، ح": فتود. والمثبت كما في "الدر"، و "فتح القدير". (٢) ذكره السيوطي في "الدر" (٥/ ١٦٩)، والشوكاني في "فتح القدير" (٣/ ٢٨٠) وعزاه كل منهما إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه. قال الحافظ في "الفتح" (١٢/ ٣٢٧): أخرج ابن أبي حاتم من طريق مسلم الأعور - وهو ضعيف - عن مجاهد، عن ابن عباس. (٣) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" (٧/ ٦٥٠) من طريق علي بن داود، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢٠٩) من طريق عثمان بن سعيد الدارمي كلاهما عن عبد الله بن صالح به.