كان مالك يقول (١) في الغريم الذي عليه الدين: له أن يقضي بعض غرمائه دون بعض إذا لم يوقف ماله. وكذلك قال الشافعي (٢)، وقال: بيعه وشراؤه وعتقه وإقراره وقضاؤه بعض غرمائه دون بعض، جائز حتى يشهد القاضي على إيقاف ماله. وقال النعمان، ويعقوب، ومحمد (٣): جائز أن يقضي بعض غرمائه دون بعض قبل أن يحجر عليه القاضي.
[ذكر الصناع مثل الصائغ والنساج وما أشبههما يفلسون]
واختلفوا في الصائغ والنساج وما أشبهها من أهل الصناعات يفلسون فيقر النساج بأن هذا الغزل لفلان، ويقول الصائغ: هذه السبيكة لفلان.
فقالت طائفة: لا يقبل ذلك إلا بأن يأتي صاحب الحلي بشبهه وليس هو في ذلك [مصدقا](٤)، يقال: فسدت أمانتك ولعلك أن تكون تخص صديقك. هذا قول مالك (٥).
(١) "المدونة الكبرى" (٤/ ٦٣ - باب في المديان يرهن بعض غرمائه). وهناك قول آخر عن مالك، وهو: ليس له أن يقضي بعض غرمائه. وانظر "المدونة" (٤/ ٧٨ - باب في المفلس يقر بالدين لرجل). (٢) "الأم" (٣/ ٢٤٠ - باب ما جاء في شراء الرجل وبيعه). (٣) "بدائع الصنائع" (٧/ ٢٢٥). (٤) في "الأصل": مصدق. والمثبت هو الجادة. (٥) "التاج والإكليل" (٥/ ٤٢)، "حاشية الدسوقي" (٣/ ٢٦٨).