قال أبو بكر: يشبه أن يكون من حجة من رأى: التيمم جائزًا بكل ما ذكرناه ظاهر قوله ﵇: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا"(١)، فما جاز أن يصلى عليه من الأرض، جاز التيمم به، لجمعه بينهما.
ولعل من حجة من لا يرى ذلك ويقول: لا يجوز التيمم إلا بتراب، أن يقول: قوله ﵇: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" مجمل، وقوله "وجعلت تربتها لنا طهورًا"(٢) مفسر، والمفسر من قوله أولى من المجمل، فالتيمم بالتراب جائز لقوله:"وجعلت تربتها لنا طهورًا"(٢)، وما لا يقع عليه اسم تراب، لا يجوز التيمم به، استدلالًا، بقوله:"وجعلت تربتها لنا طهورًا"(٢).
* * *
[ذكر التيمم بالتراب النجس]
اختلف أهل العلم في التيمم بالتراب النجس، فقال كثير منهم: لا يجوز التيمم به، هذا قول الشافعي (٣)، وأبي ثور، وأصحاب الرأي (٤).
وحكى أبو ثور عن الكوفي أنه قال: إن صلى على ذلك الموضع، أجزأه، وإن تيمم به لم يجزئه.
وقد كان الأوزاعي يقول: التيمم بتراب المقبرة مكروه، وإن تيمم به وصلى مضت صلاته.
قال أبو بكر: لا يجوز التيمم إلا بالتراب الطاهر؛ لأنه تعالى قال:
(١) سبق تخريجه برقم (٥٠٣). (٢) سبق تخريجه برقم (٥٠٢). (٣) "الأم" (١/ ١١٥ باب التراب الذي يتيمم به). (٤) "المبسوط" (١/ ٢٦١ - باب التيمم).