وارتدوا بعد الإسلام، فأتى بهم رسول الله، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمر أعينهم، وألقاهم في الحرة، فكان أحدهم يكد الأرض بفيه - وربما قال حماد: يكدم الأرض - حتى ماتوا (١).
حدثنا علي، عن أبي عبيد (٢) قال: السمل: أن تفقأ العين بحديدة محماة أو بغير ذلك، يقال من ذلك: سملت عينه أسلمها سملا، وقد يكون السمل بالشوك. قال أبو ذؤيب يرثي بنين له ماتوا:
فالعين بعدهم كأن حداقها … سملت بشوك فهي عور تدمع
وقوله: فاجتووها، قال أبو زيد: يقال: اجتويت البلاد إذا كرهتها، وإن كانت موافقة لك في بدنك.
قال أبو بكر: وممن قال: إن الآية نزلت في أهل الشرك: الحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وعبد الكريم. وقد اختلف أهل العلم في معنى فعل رسول الله ﷺ بعرينة، فأنكرت طائفة أن يكون النبي ﷺ سمل الأعين، ذكر أسباط، عن السدي (٣) أنه قال: نزلت الآية في سودان عرينة أراد النبي ﷺ أن يسمل أو يسمر أعينهم فنهاه الله عنه، وأمره أن يقيم فيهم الحد الذي أنزله الله. وقالت طائفة: فعل النبي ﷺ
(١) أخرجه البخاري (٤١٩٢) معلقًا، عن حماد، عن قتادة، ومتصلًا من غير طريق حماد، ووصله أبو داود (٤٣٦٧)، والترمذي (٧٢) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي (٤٠٤٥)، وأخرجه البخاري (١٥٠١)، ومسلم (١٦٧١) عن قتادة بنحوه. (٢) "غريب الحديث" (١/ ١٧٣ - ١٧٤). (٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" (٤/ ٥٥٠) المائدة: ٣٣.