قال أبو بكر: وأكثر أهل العلم غير قائلين بقصة سالم هذا، ويحتجون في هذا بظاهر كتاب الله ﷿ وبالأخبار الثابتة عن نبي الله ﷺ، وبأخبار أصحاب رسول الله ﷺ. وهو قول عوام أهل العلم، من أهل الحجاز، والعراق، والشام، ومصر، وغيرهم (١).
وأما ما احتجوا به من كتاب الله - جل وعز - فقوله - جل ذكره -:
﴿والوالدت يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة﴾ (٢)
فجعل الله - جل ذكره - تمام الرضاع حولين. ودل ذلك على أن لا حكم لما أرضعته المولود بعد الحولين، وثبتت الأخبار عن رسول الله ﷺ بأن الرضاعة من المجاعة.
٧٤٣١ - حدثنا يحيى بن محمد، حدثنا مسدد، حدثنا أبو الأحوص، عن أشعث بن سليم، عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله ﷺ وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه فقلت: يا رسول الله إنه أخي من الرضاعة، فقال:"انظرن من إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة"(٣).
حدثنا علي، عن أبي عبيد قال: قوله: "إنما الرضاعة من المجاعة يقول: إن الذي إذا جاع كان طعامه الذي يشبعه اللبن، إنما هو الصبي الرضيع، فأما الذي [يشبعه](٤) من جوعه الطعام، فإن أرضعتموه فإن
(١) نقل ابن عبد البر أن على ذلك جمهور التابعين، وجماعة فقهاء الأمصار "الاستذكار" (٦/ ٢٥٦). (٢) البقرة: ٢٣٣. (٣) أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٤٥٦) من طريق يحيى بن محمد به، وأخرجه البخاري (٢٦٤٧)، ومسلم (١٤٥٥) من من طرق عن أشعث به. (٤) ليس بالأصل، والمثبت من كتاب أبي عبيد، وبه يستقيم السياق.