ولا وقت في ذلك إلا ما وقعت عليه اسم الوصية، ولا أحب بلوغ الثلث إلا لمن ترك ورثته أغنياء، وقوله:"الثلث والثلث كثير " يحتمل الثلث غير قليل، وهو أولى معانيه، لأنه لو كرهه لسعد لقال له: غض منه.
وكان طاوس يقول (١): إذا كان [ورثة](٢) الرجل قليلا فلا بأس أن يبلغ الثلث في وصيته.
وقال حميد بن عبد الرحمن: ما كنت لأقبل وصية رجل يوصي بالثلث وله ولد (٣).
وقيل لحكيم بن جابر: لو أعتقت غلامك عند الموت؟ فقرأ هذه الآية ﴿وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا﴾ (٤)(٥).
قال أبو بكر: الأفضل والأعلى من الأمور ما دل عليه قول رسول الله ﷺ، وهو أن يقصر المرء عن الثلث، لقول النبي ﷺ:"الثلث والثلث كثير " وإن بلغ موصي بوصية الثلث أنفذ ذلك، لأن النبي ﷺ لم يمنع منه. وقيل لحميد الطويل: كيف أحب إليك في الوصية؟ قال: على قدر المال والعيال.
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٦٣٦٦). (٢) "بالأصل": ورثته. وما أثبتناه كما في "مصنف عبد الرزاق"، وهو الأولى. (٣) أخرجه الدارمي في "سننه" (٣٢٠٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٨٠)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٧/ ٣٠٦ - ما يجوز للرجل من الوصية في ماله). (٤) النساء: ٩. (٥) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٧/ ٣٢٠ - من كان يقول الورثة أحق من غيرهم بالمال).