﴿بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ﴾ (١) فطلّق عمر يومئذٍ امرأتين كانتا له في الشرك، فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية.
ثم رجع النبي ﷺ إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش، وهو مسلم، فأرسلوا في طلبه رجلين، فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه النبي ﷺ إلى الرجلين، فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرجلين: والله إني لأرى سيفك يا فلان جيدًا، [فاستله](٢) الآخر: فقال أجل والله إنه لجيد، لقد جربت به، ثم جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه، فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفرَّ الآخر حتى أتى المدينة، فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله ﷺ حين رآه:"لقد رأى هذا ذعرًا"، فلما انتهى إلى النبي ﷺ قال: قتل والله صاحبي، وإني لمقتول، فجاء أبو بصير، فقال: يا رسول الله! قد والله أوفى الله ذمتك، وقد رددتني إليهم، ثم أنجاني الله منهم. فقال النبي ﷺ:"ويل أمه، مِسْعَرَ حرب، لو كان له أحد".
فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر، قال: وتفلت منهم أبو جندل بن سهيل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم، إلا لحق بابي بصير، حتى اجتمع منهم عصابة، قال: فوالله ما يسمعون بعير لقريش إلى الشام، إلا اعترضوا لها، فقتلوهم، وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي ﷺ يناشدونه بالله والرحم، إلا أرسل إليهم، فمن أتاه فهو آمن، فأرسل النبي ﷺ، فأنزل
(١) الممتحنة: ١٠. (٢) في "الأصل، ر": إلى فأرسله. والمثبت من "المصنف".