أن أبا بكر كان إذا سمع صوته من الليل قال: ما ليلك بليل سارق. قال: فلما وجد المتاع عنده قطع رجله. وكان يعلى بن أمية قطع يده (١).
قال الزهري: ولم يبلغنا في السنة إلا قطع يد ورجل لا يزاد على ذلك. وممن قال بأن على العمال القود: الشافعي (٢)، وأحمد، وإسحاق (٣).
قال أبو بكر: ليس بين العمال والعامة فرق فيما يجب لبعضهم على بعض من القصاص، يدل على ذلك الكتاب والسنة، فأما الكتاب فقوله ﷿ ﴿كتب عليكم القصاص في القتلى﴾ (٤) الآية، وأما السنة فقول رسول الله ﷺ:"المؤمنون تكافأ دماؤهم"(٥). وقوله "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين، إن أحبوا العقل، وإن أحبوا القود". وقد روينا في هذا الباب بعينه حديثا ثابتا.
٩٣٤٨ - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق (٦)، عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي ﷺ بعث أبا جهم مصدقا (فلاجه)(٧) رجل في صدقته، فضربه أبو جهم فشجه، فأتوا النبي ﷺ فقالوا: القود يا رسول
(١) أخرجه الدارقطني في "سننه" (٣/ ١٣١)، والبيهقي (٨/ ٤٩) من طريق إسحاق بن إبراهيم - هو الدبري - عن عبد الرزاق به سواء. (٢) الأم (٦/ ٦١ - باب قتل الإمام). (٣) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٢٠١٧). (٤) البقرة: ١٧٨. (٥) تقدم. (٦) "مصنف عبد الرزاق" (١٨٠٣٢). (٧) لجَّ في الأمر: تمادى عليه، وأبى أن ينصرف عنه. انظر: "اللسان" مادة: لجج. وقد ورد في بعض الروايات - كما عند ابن الجارود - في "المنتقى" (٨٤٥) و "مسند أحمد" (٦/ ٢٣٢) بالمهملة، وهو واضح، والمعنى: نازعه ولامه.