واختلفوا فيمن نذر مشيا إلى مسجد الرسول ﷺ أو إلى مسجد بيت المقدس، فقالت طائفة: يفي بنذره. كان مالك يقول (١): إذا جعل عليه مشيا من المدينة إلى بيت المقدس مضى إلى ذلك وركب.
وكذلك قال أبو عبيد، وقال الأوزاعي: ليركب ولا يمشي وليتصدق لركوبه بصدقة.
وقالت طائفة: إذا نذر مشيا إلى بيت المقدس تجزئه الصلاة في المسجد الحرام. روي هذا القول عن طاوس، وقال سعيد بن المسيب: من نذر أن يعتكف في مسجد إيليا فاعتكف في مسجد النبي ﷺ بالمدينة، أجزأ عنه. ومن نذر أن يعتكف في مسجد النبي ﷺ فاعتكف في المسجد الحرام أجزأ عنه. وكان الشافعي يقول (٢): وأحب إلي لو نذر أن يمشي إلى مسجد المدينة ومسجد بيت المقدس أن يمشي، وذلك لأن رسول الله ﷺ قال:"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس"(٣)، ولا يبين أن أوجب المشي إلى مسجد النبي ﷺ ومسجد بيت المقدس كما يبين [أن](٤) أوجب المشي إلى بيت الله، وذلك أن البر بإتيان بيت الله فرض، والبر بإتيان هذين نافلة. وحكى البويطي عنه أنه قال: من نذر أن يمشي إلى بيت المقدس أو المدينة ركب إليهما.
(١) "المدونة الكبرى" (١/ ٥٦٥ - في الرجل يحلف بالمشي إلى بيت المقدس أو المدينة أو عسقلان). (٢) "الأم" (٧/ ١٢٢ - من نذر أن يمشي إلى بيت الله ﷿. (٣) يأتي تخريجه. (٤) سقطت من "الأصل"، وأثبتها من "الأم" (٧/ ١٢٢).