وقال محمد بن الحسن (١) في الرجل يأخذ اللقطة، قال: إنما أخذتها لأردها على أهلها، وأشهد عليها شاهدين بمقالته لم أضمنه. وإن قال: قد التقطت لقطة فمن سمعتموه ينشدها فدلوه علي فجاء صاحب اللقطة فقال: قد هلكت لقطتك، فهو مصدق، ولا ضمان عليه.
قال أبو بكر: وقد احتج بعض من رأى أخذ [اللقطة](٢)، ليعرفها بحديث زيد بن خالد الجهني، أن رجلا سأل النبي ﷺ عن اللقطة فقال له:"اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها"(٣).
قال قائل: ولو كان أخذها غير جائز لكان نبي الله ﷺ أحق الخلق بأن ينهاه عما فعل. واحتج بقوله: ﴿وتعاونوا على البر والتقوى﴾ (٤) ومن البر حفظ مال المسلم إذا قدر عليه. قال: ومما يدل على ما قلناه: إجماع أهل العلم على أن على الرجل إذا رأى رجلا قد سقط من يده مال أن يعلمه، وأن يمنع غير مالكه من أخذه، ولا يسعه غير ذلك. فإن قال قائل: إن النبي ﷺ قال: "ضالة المؤمن حرق النار"(٥)، وبقوله "لا يأوي الضالة إلا ضال"(٦). فاللقطة غير الضالة، واسم الضوال
(١) انظر: "المبسوط" (١١/ ٢)، و "فتح القدير" (٦/ ١١٩). (٢) في "الأصل": الدية. والمثبت من "م". (٣) سيأتي - إن شاء الله. (٤) المائدة: ٢. (٥) أخرجه أحمد (٥/ ٨٠)، والدارمي (٢/ ٣٤٥)، والنسائي في "الكبرى" (٥٨١٠) من حديث الجارود والحديث ضعيف، وقد تكلمت على طرقه في كتابي حكم اللقطة في مكة وغيرها (ص ١٩). (٦) أخرجه أحمد (٤/ ٣٦٠)، وابن أبي شيبة (٥/ ١٩٥ - باب من كره أخذ اللقطة)، =