وليمتها التمر والأقط والسمن، قال: فحصت (١) الأرض أفاحيص، وجيء بأنطاع فوضعت فيها، وجيء بالأقط، والسمن، والتمر، فشبع الناس، قال: وقال الناس: ما ندري أتزوجها أم جعلها أم ولد، قال: فقالوا: إن حجبها فهي امرأته، وإن لم يحجبها فهي أم ولد، قال: فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير، قال: فعرفوا أنه قد تزوجها (٢).
قال أبو بكر: قال بعض أصحابنا: كان خروج رسول الله ﷺ إلى خيبر في آخر المحرم من سنة سبع، وكان فتح خيبر في صفر، ورجع رسول الله ﷺ إلى المدينة في شهره ذلك، ووقعت صفية في سهم دحية، فاشتراها رسول الله ﷺ منه، وأعتقها، وتزوجها، وبنى بها قبل رجوعه إلى المدينة، ففيما ذكرنا دليل أنه ﷺ لم يستبرئها بأكثر من حيضة، وقوله في حديث أنس: وأحسبه تعتد عندها يريد عدة استبراء، وكل استبراء فجائز أن يسمى عدة، وكانت صفية ذات زوج فانفسخ نكاحها بالسباء، وحل وطؤها بعد الاستبراء، ولم يلزمها عدة الطلاق، فلو قال قائل: إن كان نكاح ينفسخ بغير طلاق، فإنما يجب فيه استبراء حيضة واحدة، وكان قد ذهب مذهبا، والله أعلم.
قال أبو بكر: وفي بعض أخبار رويفع عن النبي ﷺ أنه قال: "لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة ثيبا من السبي حتى يستبرئها".
(١) أي: حفرت، والأفاحيص: جمع أفحوص القطاة، وهو موضعها الذي تَجْثِمُ فيه وتبيض كأنها تكشف عنه التراب. "النهاية" (٣/ ٤١٥). (٢) أخرجه مسلم (١٣٦٥/ ٨٧) من طريق عفان به بنحوه.