وكذلك قال [أبو ثور](١)، وأبو عبيد (٢)، وأصحاب الرأي (٣)، وكذلك نقول، وذلك لأن النبي ﷺ قال قولا عاما:"لا تنكح البكر حتى تستأذن ولا الثيب حتى تستأمر ". فكل من عقد نكاحا على غير ما سنه رسول الله ﷺ باطل، لأنه الحجة على الخلق إلا أن يوجد عن النبي ﷺ أنه استثنى من جملة قوله:"لا تنكح البكر حتى تستأذن ". بكرا أو ثيبا فيستثنى ما استثنى، ويكون ما لم يستثنه مستعملا فيه قول:"لا تنكح البكر حتى تستأذن "، فلما ثبت أن أبا بكر الصديق ﵁ زوج عائشة ﵂ من رسول الله ﷺ وهي صغيرة لا أمر لها في نفسها (٤)، كان عقد الأب على البكر في حال الصغر - وهي لا أمر لها في نفسها - جائز. وكان ذلك مستثنى من قوله ﷺ:"لا تنكح البكر حتى تستأذن ". فإذا خرجت البكر عن حال الصغر إلى أن يصير لاستئذانها معنى، إذا صارت في حال البلوغ وصار أمرها في مالها [جائزا](٥) خلاف الحال التي لم يكن لها أمر في مالها، لم يجز عقد النكاح عليها إلا بإذنها، داخلة في جملة من قال النبي ﷺ:"لا تنكح البكر حتى تستأذن " غير خارجة منه سنة ولا إجماع.
(١) بالأصل: الثوري، وهو انتقال نظر من الناسخ، فإن الثوري ذكر قوله سابقًا كذلك فإن ابن المنذر ذكر المسألة في "الإشراف" وقال: "وهذا قول … وأبو ثور وأبو عبيد". (٢) انظر: "غريب الحديث" (٢/ ١٤٢)، و "اختلاف العلماء" (ص ١٢٤). (٣) انظر: "المبسوط" (٥/ ٣ - باب نكاح البكر). (٤) أخرجه البخاري (٣٨٩٤، ٥١٣٣) في كتاب النِّكاح، وبوب عليه فقال: باب إنكاح الرجل ولده الصغار، وأخرجه مسلم (١٤٢٢). (٥) "بالأصل": جائز. والجادة ما أثبتناه.