من الأنصار أعتق مملوكين له عند موته، ليس له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي ﷺ فغضب من ذلك وقال:"لقد هممت ألا أصلي عليه " ثم دعا مملوكيه فجزأهم ثلاثة أجزاء وأقرع بينهم، فأعتق اثنين، وأرق أربعة (١).
قال أبو بكر: ويشبه أن يكون قوله: "لقد هممت ألا أصلي عليه " القول الشديد الذي ذكره في حديث حماد بن زيد.
قال أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في الرجل يعتق جميع رقيقه في مرضه ثم يموت ولا مال له غيرهم. فقالت طائفة:[بظاهر](٢) الأخبار، وممن قال به: عمر بن عبد العزيز (٣)، وأبان بن عثمان (٤)، والشافعي ﵀، وأحمد بن حنبل (٥)، وإسحاق بن راهويه. وقال مالك فيمن أعتق رقيقا له عند الموت فقال: إن حملهم الثلث أعتقوا، وإن لم يحملهم الثلث أقرع بينهم، ترك مالا غيرهم أو لم يترك، وأخرج سهم الثلث (٦) فقيل له: فإنه قد ترك مالاً غيرهم فقال: إن خرجوا من الثلث عتقوا، وإن لم يخرجوا من الثلث أقرع بينهم، ترك مالا أو لم يترك.
وفيه قول ثان: وهو أنه يعتق من كل واحد منهم الثلث، ويستسعى في
(١) أخرجه سعيد بن منصور في "سننه" (٤٠٨) به، والطبراني في "الكبير" (١٨/ ١٧٨ رقم ٤١٢)، وأخرجه النسائي (٤/ ٦٤)، وأحمد (٤/ ٤٣٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٨١) من طرق عن هشيم به. (٢) المثبت من الإشراف" (٢/ ٣٠٥). (٣) أخرجه الشافعي في "الأم" (٨/ ٥ - كتاب القرعة). (٤) أخرجه مالك في "الموطأ" (ص ٥٩٤ - باب من أعتق رقيقًا لا يملك مالًا غيرهم)، والشافعي في "الأم" (٨/ ٥). (٥) انظر "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (١٥٠٨). (٦) انظر "المدونة" (٢/ ٤٠٨ - في عتق السهام).