قال أبو بكر: ذكر الله الوصية في كتابه ذكرا مجملا، وكان الرسول ﷺ المبين عن الله معنى ما أراد، فعرف ﷺ أن الوصايا مقصور بها على ثلث مال الميت. وأجمع أهل العلم على القول بهذا الحديث (٢)، ويدل الحديث على استحباب أن ينقص الموصي شيئا من الثلث، لاستكثار النبي ﷺ الثلث، ودل الحديث على استحباب أن يدع المرء ورثته أغنياء بخير، وأن ذلك خير من أن يدعهم عالة.
وقوله: ليس لي إلا ابنة واحدة، يريد ليس لي من الولد إلا ابنة واحدة، وذلك أن العربي لا يكاد يخلو أن يكون له عصبة، وفي حديث آخر بيان ذلك.
٧٠٢٥ - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا حجاج قال: حدثنا همام، عن قتادة، عن يونس بن جبير، عن محمد بن سعد بن مالك، عن أبيه سعد بن مالك أن النبي ﷺ دخل عليه وهو مريض فقال: إنه ليس لي ولد إلا ابنة واحدة، أفأوصي بمالي كله؟ قال: فقال النبي ﵇: "لا ". قال: فأوصي بنصفه؟ قال النبي ﷺ: "لا ". قال: فأوصي بثلثه؟ قال النبي ﷺ: "الثلث والثلث كثير " (٣).
(١) أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" (١٦٣٥٧) به، ومن طريق عبد الرزاق، أخرجه مسلم (١٦٢٨) به، وأخرجه مالك في "الموطأ" ص (٥٨٤ - باب الوصية في الثلث لا تتعدى). ومن طريقه أخرجه البخاري (١٢٩٥)، ومسلم (١٦٢٨). (٢) "الإجماع" لابن المنذر ص (٣٣٧)، "الإقناع في مسائل الإجماع" (٢٥٨٨، ٢٥٨٩)، و"مراتب الإجماع" لابن حزم ص (١٩٢). (٣) أخرجه النسائي في "سننه" (٦/ ٢٤٤)، و "الكبرى" (٦٤٦٢)، والبزار في "مسنده" "البحر الزخار" (١١٧٤) كلاهما من طريق حجاج به.