هذا شاهد زور. وروي عنه أنه كان يقول إذا بعث به: إنا قد زيفنا شهادة هذا (١)، وكان سوار يأمر به يلبب بثوبه (٢) ويقول لبعض أعوانه: اذهبوا به إلى مسجد الجامع فدوروا به على حلق المسجد ينادي: من رآني فلا يشهد بزور (٣).
وكان النعمان (٤) يرى أن يبعث به إلى سوقه إن كان سوقيا، أو إلى مسجد قومه إن كان من العرب فيقول: القاضي يقرئكم السلام ويقول: إنا وجدنا هذا شاهد زور فاحذروه وحذروه الناس، ولا يرى عليه تعزيرا، ورأت طائفة أن يجلد أسواطا ويوقف للناس، كذلك قال شريح - القول الثاني - وبه قال الحسن البصري.
وقال مالك بن أنس (٥) في شاهد الزور: أرى أن يفضح ويشهر ويعلن به ويوقف، ولا أريد الحد، وأرى أن يضرب ويشار به. وكان أحمد بن حنبل (٦)[يقول](٧): يقام للناس ويعرف ويؤدب، وبه قال إسحاق.
وقال أبو ثور: يعاقب، ولم يجعل للعقوبة حدا.
وقال الشافعي (٨): إذا علم القاضي يقينا أن قد شهد بزور، عزره ولا يبلغ بالتعزير أربعين، ويشهر بأمره، فإن كان من أهل المسجد وقفه
(١) انظر: "المصنف" (١٥٣٩١)، و"سنن البيهقي الكبرى" (١٠/ ١٤٢). (٢) يلبب بثوبه: أي يجمع ثوبه عند نحره ويجر بها. (٣) ذكره ابن قدامة في "المغني" (١٤/ ٢٦٢ - ٢٦٣). (٤) "المبسوط" للسرخسي (١٦/ ١٧٣ - باب شهادة الزور وغيرها). (٥) "المدونة الكبرى" (٤/ ٥٨٥٧ - باب في شهادة الزور). (٦) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٣٠٩٨). (٧) في الأصل: يقوم. وهو تحريف والمثبت هو المناسب للسياق. (٨) "الأم" (٧/ ١٩٦ - ١٩٧ - باب في الدين).