دار الإسلام، وغير جائز أن يكون حكم العقيلي بعد قوله: إني مسلم حكم المشركين، إذ كان أحكام الدنيا عند النبي ﷺ إنما كان حكم الظاهر لا حكم الباطن المغيب الذي تولى الله علمه، فلم يُطْلِع عليه عباده، "لا تسمع خبر المقداد بن عمرو الكندي، واستئذانه النبي ﷺ في قتل الرجل بعد قوله: أسلمت لله، وتغليظ النبي ﷺ في ذلك، وقوله: "لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وهو بمنزلته قبل أن يقول الكلمة التي قال" (١).
وكان الشافعي (٢) يقول: في قوله "أخذت بجريرة حلفائك" إنما هو أن المأخوذ مشرك، مباح الدم والمال بشركه من جميع جهاته، والعفو عنه مباح، فلما كان هكذا، لم ينكر أن يقول: "أخذت" أي حبست "بجريرة حلفائكم" ثقيف، ولما كان حبسه هذا حلالًا بغير جناية غيره، وإرساله مباحًا، جاز أن يحبس بجناية غيره لاستحقاقه ذلك بنفسه.
وقال بعض أهل العلم: إن في قوله "أخذت بجريرة حلفائك" كالدليل على أنه كان بينه وبينهم موادعة أو صلح، فنقضت ثقيف الموادعة أو الصلح بأسرهم الرجلين من أصحاب النبي ﷺ، فأباح النبي ﵇ أسر العقيلي بنقض ثقيف الموادعة أو الصلح، وترك بني عقيل الإنكار عليهم ومنعهم من فعلهم الذي كان نقض الصلح أو الموادعة.
* * *
(١) أخرجه البخاري (٤٠١٨)، ومسلم (٩٥) كلاهما من حديث المقداد الكندي به. (٢) "الأم" (٤/ ٣٦٢ - باب الفداء بالأسارى).