وقال بعضهم ممن قرأ هذه القراءة معناه: ﴿وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ﴾ يقسم لبعض ويترك بعضًا، كذلك قال الضحاك، وكذلك روى ابن جريج، وابن عباس، وزاد: أن يجور في الحكم والقسم.
وقيل معنى ثالثًا: قال محمد بن إسحاق: أي ما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة، ﴿وَمَن يَغْلُلْ﴾ أي يفعل ذلك ﴿يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
ج
وكان الحسن البصري (١) يقرأ: ﴿يُغَلَّ﴾ يُخان، وكذلك قرأ إبراهيم النخعي، وقال مجاهد: ﴿يَغُلَّ﴾ يخون، وقال قتادة: ﴿يُغَلَّ﴾ يغله أصحابه، وقال بعضهم: كلا القراءتين صواب وهو أن يخان أو يخون، وقال الضحاك في قوله: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ﴾ (٢)، قال: من لم يغل ﴿كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ﴾، قال: من غل (٣).
* * *
(١) أخرجه سعيد في "سننه" (٥٣٥ - كتاب: التفسير). (٢) آل عمران: ١٦٢. (٣) أخرج هذه الأقوال الطبري في "تفسيره تحت آية آل عمران" (١٦١) ثم قال: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي قراءة من قرأ (وما كان لنبي أن يَغُل). بمعنى: ما الغلول من صفات الأنبياء، ولا يكون نبيًا من غل، وإنما اخترنا ذلك؛ لأن الله ﷿ أوعد عقيب قوله (وما كان لنبي أن يغل) أهل الغلول فقال: (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) والتي بعدها فكان في وعيده ذلك أهل الغلول الدليل الواضح على أنه إنما نهى بذلك عن الغلول.