وقالت طائفة: لا يجهر في كسوف الشمس بالقراءة. هذا قول مالك (١)، والشافعي (٢)، وأصحاب الرأي (٣). واحتج مالك والشافعي بحديث ابن عباس (٤)، قالا: لو كان النبي ﵇ جهر بالقراءة لخبّر بالذي قرأ، ولم يقدر ذلك بغيره. واحتج آخر بحديث سمرة.
٢٨٧٢ - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن الأسود بن قيس، عن ابن عباد (٥)، عن سمرة بن جندب، أن رسول الله ﷺ صلى في كسوف الشمس، لا يسمع له صوت (٦).
قال أبو بكر: واحتج من رأى الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس بأن الذي احتج به مالك والشافعي حجة لو لم يأت غيره،
(١) "المدونة" (١/ ٢٤٢ - في صلاة الخسوف). (٢) "الأم" (١/ ٤٠٤ - ٤٠٦ - وقت كسوف الشمس). (٣) "المبسوط" للشيباني (١/ ٤٤٥)، وللسرخسي (٢/ ١٢٢ - باب: صلاة الكسوف). (٤) تقدم حديث ابن عباس قريبًا، وهو عند البخاري ومسلم وغيرهما. (٥) هو ثعلبة بن عباد - بكسر المهملة وتخفيف الموحدة - العبدي البصري: قال ابن حجر: ذكره ابن المديني في المجاهيل الذين يروي عنهم الأسود بن قيس، وأما الترمذي فصحح حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن حزم: مجهول، وتبعه ابن القطان، وكذا نقل ابن المواق عن العجلي. (٦) أخرجه أبو داود (١١٧٧)، والترمذي (٥٦٢) وقال: حسن صحيح، والنسائي (٣/ ١٤٠، ١٤٨)، وابن ماجه (١٢٦٤)، وأحمد (٥/ ١٤، ١٦، ٢٣)، وابن حبان (٢٨٥١، ٢٨٥٢، ٢٨٥٦)، وابن خزيمة (١٣٩٧)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٤٧٨، ٤٨٣) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. كلهم من طريق الأسود بن قيس، به، وبعضها أتم من بعض. وانظر: "المحلى" (٥/ ١٠٢)، و"التلخيص الحبير" (٢/ ٩٢)، و"نصب الراية" (٢/ ٢٣٣).