قال أبو بكر: وقد روينا في هذا الباب عن الحكم قولا ثالثًا: وهو إن شاء جهر ببسم الله الرحمن الرحيم وإن شاء أخفاها (١)، وكذلك قال إسحاق بن راهويه (٢)، وكان يميل إلى الجهر بها.
قال أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في تأويل الحديث الذي رويناه عن أنس أن النبي ﷺ، وأبا بكر، وعمر (٣) كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين (٤). فقالت طائفة: ظاهر هذا الحديث يوجب أنهم كانوا لا يجهرون ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (١)﴾ ويخفونها، هذا مذهب الثوري، ومن وافقه.
وفي قول بعض من يميل إلى مذهب أهل المدينة: هذا الحديث يدل على أنهم كانوا لا يجهرون بها، ولا يصح أنهم قرءوها سرًّا، فلا تقرأ سرًّا ولا جهرًّا.
وفي قول من يرى الجهر ببسم الله الرحمن معنى قوله: كانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين. أي: يفتتحون بقراءة الحمد - يعني بقراءة سورة الحمد - كما يقال:(افتتح بسورة البقرة)(٥)؛ لأن ذلك اسم للسورة، لا أنهم كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم.
وقال آخرون: لما ثبت أنهم كانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم، وثبت حديث أبي هريرة أنه جهر ببسم الله الرحمن الرحيم،
(١) "المجموع" (٣/ ٢٨٩ - فرع في مذاهب العلماء في الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم). (٢) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٢٠٢). (٣) زاد في "د": وعثمان. (٤) سبق برقم (١٣٣٧). (٥) كذا بالأصل، ولعل الصواب: افتتح بالبقرة أي بسورة البقرة؛ يكون هناك سقط لفظتين.