لقوله "والواجب ستر العورة"، وهو ما صححه النووي في بقية كتبه وعزاه للنص والجمهور كالحي (١) ولخبر الصحيحين "عن خباب أن مصعب بن عمير كفنه النبي ﷺ يوم أحد بنمرة كان إذا غطي بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطي بها رجلاه بدا رأسه فأمرهم أن يجعلوا على رجليه الإذخر"(٢) قال في المجموع: واحتمال أنه لم يكن له غير النمرة مدفوع بأنه بعيد ممن خرج للقتال وبأنه لو سلم ذلك لوجب تتميمه من بيت المال ثم من المسلمين انتهى وقد يقال قد أمرهم بتتميمه بالإذخر، وهو ساتر ويجاب بأن التكفين به لا يكفي إلا عند تعذر التكفين بثوب كما صرح به الجرجاني لما فيه من الإزراء بالميت. وعلى ذلك يختلف قدر الواجب بذكورة الميت وأنوثته لا برقه وحريته كما اقتضاه إطلاق (٣) كلامهم، وهو الظاهر في الكفاية فيجب في المرأة بستر بدنها إلا وجهها وكفيها حرة كانت أو أمة لزوال الرق بالموت كما ذكره الرافعي في كتاب الأيمان (٤) ولا ينافيه جواز تغسيل السيد لها; لأن ذلك ليس لكونها باقية في ملكه بل; لأن ذلك من آثار الملك كما يجوز للزوج تغسيل زوجته مع أن ملكه
(١) "قوله والجمهور كالحي" استشكله في المهمات بقولهم في النفقات لا يحل الاقتصار في كسوة العبد على ستر العورة، وإن لم يتأذ بحر أو برد; لأنه تحقير وإذلال فإذا امتنع ذلك في الحي الرقيق فامتناعه في الميت الحر بطريق الأولى; لأن الناس يتكلفون للميت ما لا يتكلفون للحي ويعدون ترك ذلك إزراء بالميت لكونه خاتمة أمره. ا هـ. وما ذكره غير لازم والفرق من أوجه الأول أن الميت يحصل له الستر مع ذلك بالتراب فلا ضرر عليه بخلاف العبد فإنه لا شيء يستر بقية بدنه الثاني أن في ثوب العبد حقا لله تعالى أيضا، وهو التجمل للصلاة فقد "نهى ﷺ أن يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء" الثالث أن ما عدا العورة من البدن يستر مروءة ولهذا تسقط الجمعة عمن لم يجد ما يستر بقية بدنه، وإن وجد ساتر العورة; لأن ذلك مخل بالعدالة وليس للسيد أن يفعل بالعبد ما يخل بالمروءة والعدالة وهذه المعاني لا توجد في الميت (٢) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب إذا لم يجد كفنا إلا ما يواري رأسه أو قدمه، حديث "١٢٧٦" ومسلم، كتاب الجنائز، باب في كفن الميت حديث "٩٤٠". (٣) "قوله لا برقه وحريته كما اقتضاه إطلاقهم" أشار إلى تصحيحه ر. (٤) "قوله كما ذكره الرافعي في كتاب الأيمان" وممن استثنى الوجه والكفين النووي في مجموعه لكنه فرضه في الحرة ووجوب سترهما في الحياة ليس لكونهما عورة بل لكون النظر إليهما يوقع في الفتنة غالبا.