للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب الردة"

"هي" لغة الرجوع عن الشيء إلى غيره وشرعا ما سيأتي، وهي "أفحش الكفر، وأغلظه حكما" لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ﴾ [البقرة: ٢١٧] الآية ولقوله ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥] ولخبر البخاري "من بدل دينه فاقتلوه (١) " (٢)

"وفيه بابان"

"الأول في حقيقتها"

ومن تصح منه وفيه طرفان الأول في حقيقتها، وهذا سقط من نسخة، ولا بد منه لقوله بعد الطرف الثاني فيمن تصح ردته "وهي قطع الإسلام (٣) إما بتعمد فعل"، ولو بقلبه استهزاء أو جحودا "كسجود لصنم، وإلقاء مصحف" أو نحوه ككتب الحديث (٤) "في قذر استخفافا" أي على وجه يدل على الاستخفاف بهما وكأنه احترز به في الأولى عما لو سجد بدار الحرب فلا يكفر كما نقله القاضي عن النص (٥)، وإن زعم الزركشي أن المشهور خلافه وفي الثانية عما


(١) "قوله: ولخبر البخاري "من بدل دينه فاقتلوه" وخبر "لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث كفر بعد إيمان"، وقد ذكر أصحابنا أن الردة إنما تحبط العمل بالموت لقوله تعالى ﴿فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ﴾ فلو أسلم، وكان قد حج قبل الارتداد لم تجب عليه الإعادة خلافا لأبي حنيفة لكن نص الشافعي في الأم على حبوط ثمرات الأعمال بمجرد الردة، وهي فائدة نفيسة.
(٢) رواه البخاري كتاب الجهاد والسير، باب لا يعذب بعذاب الله، حديث "٣٠١٧".
(٣) "قوله: وهي قطع الإسلام" فإن قيل الإسلام معنى معقول لا محسوس فكيف يتصور قطعه قيل المراد قطع استمراره ودوامه فهو من باب حذف المضاف.
(٤) "قوله: ككتب الحديث" أي والفقه وكل علم شرعي وما اشتمل على اسم الله تعالى، وكذا تضمخ الكعبة الشريفة بالغائط ومثل السجود الركوع وسائر التعظيمات، وإنما خص المصنف السجود; لأنه لم يعبد غير الله بالركوع، ولو ألقى آية من القرآن كبسم الله الرحمن الرحيم في القاذورات فكالمصحف.
(٥) "قوله: كما نقله القاضي عن النص"، وهو الراجح.