تقال على الإيداع وعلى العين المودعة من ودع الشيء (١) يدع إذا سكن; لأنها ساكنة عند المودع، وقيل: من قولهم فلان في دعة أي راحة; لأنها في راحة المودع ومراعاته، والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٥٨] وقوله ﴿فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ﴾ [البقرة: ٢٨٣] وخبر "أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك" رواه الترمذي وقال: حسن غريب والحاكم وقال: على شرط مسلم (٢)، ولأن بالناس حاجة بل ضرورة إليها "وهي توكيل بالحفظ (٣) لمملوك أو مختص".
"وقبولها مستحب للأمين القادر على حفظها" لأنه من التعاون المأمور به "واجب عليه عند عدم غيره"(٤) كأداء الشهادة (٥)"بالأجرة" فالواجب أصل القبول دون إتلاف منفعته ومنفعة حرزه في الحفظ بلا عوض وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ (٦) كما يأخذ أجرة الحرز، ومنعه الفارقي وابن أبي عصرون; لأنه صار واجبا عليه فأشبه سائر الواجبات، وظاهر كلام الأصحاب الأول وقد تؤخذ الأجرة على الواجب كما في سقي اللبا "فإن لم يفعل" أي؟ يقبل "عصى"
(١) "قوله: من ودع الشيء إلخ" مادة ودع تدور على ثلاثة معان استقر وترك وترفه والكل موجود هنا لاستقرارها عند المودع وتركها عنده وعدم استعمالها. (٢) صحيح: رواه الترمذي في سننه"٣/ ٥٦٤" كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي للمسلم أن يدفع إلى الذمي الخمر، حديث"١٢٦٤". ورواه الدارمي في سننه"٣/ ٣٤٣" كتاب البيوع، حديث"٢٥٩٧". كلاهما عن أبي هريرة رصي الله عنه، مرفوعا. (٣) "قوله: وهي توكيل بالحفظ" علم منه أنه لا يجوز استيداع المحرم صيدا صرح به القاضي الحسين هناك وكذا يمتنع استيداع المصحف وكتب العلم عند الكافر ر وقوله: صرح به القاضي أشار إلى تصحيحه. (٤) "قوله واجب عليه عند عدم غيره" وخاف إن لم يقبل هلكت. (٥) "قوله: كأداء الشهادة" المتجه أن قبولها من الذمي والمعاهد كقبولها من المسلم عر ومقتضاه أن يكون فرض كفاية عن الجماعة المفروضة على كل منهم ويجيء فيه الخلاف المذكور في نظيره من أداء الشهادة وغيرها لئلا يؤدي التواكل إلى ضياعها غ. (٦) "قوله: وقضيته أن له أن يأخذ أجرة الحفظ إلخ" أشار إلى تصحيحه.