"وفيه بابان: الأول في الأركان وأحكام الالتقاط فالأركان: ثلاثة. الأول: الالتقاط: والتقاط المنبوذ فرض كفاية" حفظا للنفس المحترمة عن الهلاك (١) ولقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ [المائدة: ٣٢] إذ بإحيائها أسقط الحرج عن الناس فأحياهم بالنجاة من العذاب وفارق اللقطة حيث لم يجب التقاطها بأن المغلب عليها الاكتساب والنفس تميل إليه فاستغنى بذلك عن الوجوب كالنكاح، والوطء فيه فلو لم يعلم بالمنبوذ إلا واحد لزمه أخذه فلو لم يلتقطه حتى علم به غيره فهل يجب عليهما كما لو علما معا، أو على الأول أبدى ابن الرفعة فيه احتمالا قال السبكي والذي يجب القطع به أنه يجب عليهما "ومتى التقط" المنبوذ "وجب الإشهاد عليه" أي على التقاط الملتقط له، وإن كان ظاهر العدالة خوفا من أن يسترقه وفارق الإشهاد على اللقطة بأن الغرض منها المال - والإشهاد في التصرف المالي مستحب -، ومن اللقيط حفظ حريته ونسبه فوجب الإشهاد كما في النكاح وبأن اللقطة يشيع أمرها بالتعريف ولا تعريف في اللقيط "و" وجب الإشهاد "على ما معه" تبعا له ولئلا يتملكه وقيد الماوردي (٢) وجوب الإشهاد عليه وعلى ما معه بالملتقط بنفسه أما من سلمه الحاكم
(١) "قوله: حفظا للنفس المحترمة عن الهلاك" كالمضطر إلى طعام الغير بل أولى؛ لأن البالغ ربما احتال لنفسه قال السبكي والذي يجب القطع به أنه يجب عليهما أشار إلى تصحيحه وكتب عليه قال الزركشي وهو كما قال. (٢) "قوله: وقيد الماوردي" أي وغيره.