للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"الباب الثالث في التنازع"

"متى ادعى"شخص "على اثنين دارا"في يدهما "فصدقه أحدهما"في أن نصيبه له، وكذبه الآخر "وصالحه"المصدق "بمال فللمكذب الشفعة"فيها، وإن ملكاها بسبب واحد كإرث وشراء معا; لأنا حكمنا في الظاهر بصحة الصلح، ولا يبعد انتقال ملك أحدهما فقط، وإن ملكا بسبب "إلا أن صدر منه" أي المكذب "ما يقتضي أن الشريك"المصدق "مالك"لنصيبه "في الحال"فلا شفعة له لاعترافه ببطلان الصلح واستشكل ثبوت الشفعة فيما ذكر بما يأتي في الإيلاء (١) في دار بيد اثنين ادعى أحدهما جميعها، والآخر نصفها فصدقنا الثاني بيمينه لليد ثم باع الأول نصيبه الثالث، فأراد الآخر أخذه بالشفعة، وأنكر المشتري ملكه من أنه يحتاج إلى البينة ويمينه أفادت نفي ما يدعيه شريكه لا إثبات الملك له، ويجاب بأن المشتري هنا لم ينكر ملك المكذب، وهناك أنكره لك مدعي النصف فليس لمدعيه الأخذ إلا أن يقيم بينة بملكه ثم رأيت ابن الرفعة أجاب بذلك (٢).


(١) "قوله: واستشكل ثبوت الشفعة فيما ذكر بما يأتي في الإيلاء إلخ"قال ابن العماد: الفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن المنكر هاهنا معترف للمقر بالنصف، ومن لازم اعترافه بصحة الصلح ثبوت الشفعة بلازم قوله
الثاني: أن الأخذ بالشفعة ها هنا قد حصل ضمنا; لأنه تابع للصلح وحكم من أحكامه بخلاف من في يده الدار فإنه لم يسبق منه اعتراف، وإنما احتاج هناك إلى تصديق المشتري بخلاف مسألة الصلح; لأن المدعي في الصلح وهو المشتري لا يمكن أن يدعي النصف الذي في يد المكذب لثالث; لأن الفرض أنه ادعاه لنفسه، وإذا لم يثبت له وبطل بمقتضى دعواه أن يكون لثالث انحصر الملك في المكذب بلازم قوله فلو لم يكن له تكليف المشتري إلى البينة على الملك ليأخذ منه بالشفعة بخلافه هناك لم يعترف بانحصار الملك للآخر فاحتمل أن يكون لثالث.
(٢) "قوله ثم رأيت ابن الرفعة أجاب بذلك" هذا الفرق إنما يتمشى في صورة إقرار المشتري بصدق المدعي في دعواه عليه دون تعرض في إقراره لنصيب شريكه أما في صورة إقراره باستحقاق المدعي ما ادعاه بكماله فقد أجاب المصنف في شرح إرشاده بالفرق بما حاصله أنه في مسألة الصلح إنما ثبت للبائع الملك بإقرار المشتري وبشرائه تعلق حق الشريك بالشفعة فلا يصلح إقراره المثبت لملك البائع الذي يستند إليه الشراء أن يكون مثبتا حقا له في دفع الشفعة لتنافيهما وإنما يستوي المعنيان لو باعه من غير المقر.