للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

"كتاب الوصايا" (١)

جمع وصية بمعنى إيصاء يقال أوصيت لفلان بكذا ووصيت له وأوصى إليه إذا جعله وصيا وهي لغة الإيصال من وصى الشيء بكذا وصله به لأن الموصي وصل خير دنياه بخير عقباه وشرعا تبرع بحق مضاف ولو تقديرا لما بعد الموت ليس بتدبير ولا تعليق عتق وإن التحقا بها حكما كالتبرع المنجز في مرض الموت أو الملتحق به والأصل فيها قبل الإجماع قوله تعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١٢] وأخبار كخبر الصحيحين "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده (٢) " أي ما الجزم أو ما المعروف من الأخلاق إلا هذا فقد يفاجئه الموت وكخبر ابن ماجه "المحروم من حرم الوصية من مات على وصية مات على سبيل وسنة وتقى وشهادة ومات مغفورا له (٣) "

وكانت أول الإسلام واجبة للأقارب بقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً﴾ [البقرة: ١٨٠] الآية ثم نسخ وجوبها بآيات المواريث وبقي استحبابها في الثلث فأقل لغير الوارث لخبر سعد بن أبي وقاص الآتي.

"الوصية واجبة على من عليه حق لله" تعالى كزكاة وحج "أو" حق "لآدميين" كوديعة ومغصوب (٤) "بلا شهود" بالحق في هذا وما قبله بخلاف ما إذا كان به شهود فلا تجب الوصية به قال الأذرعي (٥) إذا لم يخش منهم كتمانه


(١) كتاب الوصايا" ذكرها إثر الفرائض لاستوائهما في التعلق بما بعد الموت، وتقديمها أنسب; لأن الإنسان يوصي ثم يموت فنقسم تركته. ا هـ. ويجاب بأن تأخير الوصايا عن الفرائض أنسب; لأن الوصية لا تلزم ولا يعرف قدرها إذا كانت بجزء من المال ولا معرفة قدر ثلثه الذي تنفذ فيه ولا تعتبر إجازة الوارث لها إلا بعد الموت
(٢) رواه البخاري، كتاب الوصايا، باب الوصايا، حديث"٢٧٣٨"، رواه مسلم، كتاب الوصية، حديث"١٦٢٩"كلاهما عن ابن عمر مرفوعا.
(٣) ضعيف: رواه ابن ماجه"٢/ ٩٠١" كتاب الوصايا، باب الحث على الوصية، حديث"٢٧٠١"، وفي إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس.
(٤) "قوله: أو حق لآدميين كوديعة إلخ" وقد عجز عنه في الحال كما سيأتي.
(٥) "قوله: قال الأذرعي" أي: وغيره إذا لم يخش منهم كتمانه أشار إلى تصحيحه.